/م45
فأحسّ نوح أنّ طلبه هذا من ساحة رحمة الله لم يكن صحيحاً ،ولا ينبغي أن يتصور نجاة ولده ممّا وَعَد الله به في نجاة أهله ،لذلك توجه إلى الله معتذراً مستغفراً و( قال ربّ إنّيَ أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلاّ تغفر لي وترحمني أكُنْ من الخاسرين ) .
بحوث
1لم كان ابن نوح «عَمَلا غير صالح » ؟!
يعتقد بعض المفسّرين أنّ في الآية إِيجاز حذف ،وأصل الآية هكذا «إنّه ذو عمل غير صالح » .
ولكن مع ملاحظة أنّ الإِنسان قد يذوب في عمله إلى درجة كأنّه يصير بنفسه العمل ذاته ،وفي اللغات المختلفة يأتي مثل هذا التعبير على نحو المبالغة كأن يقال: إِنّ فلاناً هو كل العدل والسخاء ،أو إِنّ فلاناً هو السرقة والفساد فكأنّه غاص في العمل حتى صار هو العمل بذاته .
فابن نوح كان كذلك ،فقد جالس رفقاء السوء وغاص في أعمالهم السيئة وأفكارهم المنحرفة ،بحيث كأنّ وجوده تبدل إلى عمل غير صالح !..
فعلى هذا ..وإِن كان التعبير المقدم موجزاً ومختصراً جداً ،إلاّ أنّه يعبّر عن حقيقة مهمّة في ابن نوح !.
أي لو كان هذا الظلم والانحراف والفساد في وجود ابن نوح سطحيّاً لكانت الشفاعة في حقّه ممكنة ،ولكنّه أصبح غارقاً في الفساد والانحراف ،فليس للشفاعة هنا محلّ ،فدع الكلام فيه يا نوح !..
وما يراه بعض المفسّرين من أن كنعان لم يكن ابن نوح حقيقةً ،أو أنّه كان ابنا غير شرعي ،أو أنّه ابن شرعي من زوجته عن رجل آخر ،بعيد عن الصواب لأنّ قوله: ( إنّه عمل غير صالح ) في الواقع علة لقوله: ( إنّه ليس من أهلك ) أي إِنّما نقول لك إِنّه ليس من أهلك فلأنّه انفصل عنك بعمله وإِن كان الرباط النسبي لا يزال قائماً ..
/خ47