/م8
تقول الآية أوّلا: ( الله يعلم ما تحمل كلّ أنثى ) في رحمها ،سواء من اُنثى الإنسان أو الحيوان ( وما تغيض الأرحام ) أي تنقص قبل موعدها المقرّر ( وما تزداد ){[1917]} أي يعلم بما تزيد عن موعدها المقرّر .
في تفسير هذه الجمل الثلاث هناك آراء مختلفة بين المفسّرين:
يعتقد البعضأنّها تشيركما ذكرنا آنفاًإلى وقت الولادة ،وهي على ثلاثة أنواع: فمرّة يولد المولود قبل موعده .ومرّة في موعده ،وأُخرى بعد الموعد المقرّر .فالله يعلم كلّ ذلك ويعلم لحظة الولادة بالتحديد ،وهذه من الأُمور التي لا يستطيع أي أحد أو جهاز أن يحدّد موعده ،وهذا العلم خاص بذات الله المنزّهة ،وسببه واضح لأنّ استعدادات الأرحام والأجنّة مختلفة ،ولا أحد يعلم بهذا التفاوت .
وقال بعض آخر: إنّها تشير إلى ثلاث حالات مختلفة للرحم أيّام الحمل ،فالجملة الأُولى تشير إلى نفس الجنين الذي تحفظه ،والجملة الثانية تشير إلى دم الحيض الذي يُنصب في الرحم ويمصّه الجنين ،والجملة الثالثة إشارة إلى الدم الإضافي الذي يخرج أثناء الحمل أحياناً ،أو دم النفاس أثناء الولادة{[1918]} .
وهناك عدّة احتمالات أُخرى في تفسير هذه الآية دون أن تكون متناقضة فيما بينها ،ويمكن أن يكون مراد الآية إشارةً إلى مجموع هذه التفاسير ،ولكن الظاهر أنّ التّفسير الأوّل أقرب ،بدليل جملة ( تحمل ) المقصود منها الجنين والجمل ( تغيض ) و ( تزداد ) بقرينة الجملة السابقة تشير إلى الزيادة والنقصان في فترات الحمل .
روى الشيخ الكليني في الكافي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أو الإمام الباقر ( عليه السلام ) في تفسير الآية أنّ «الغيض كلّ حمل دون تسعة أشهر ،وما تزداد كلّ شيء حمل على تسعة أشهر » .وفي تكملة الحديث يقول: «كلّما رأت المرأة الدم الخالص في حملها فإنّها تزداد وبعدد الأيّام التي زاد فيها في حملها من الدم »{[1919]} .
( وكلّ شيء عنده بمقدار ) ولكي لا يتصوّر أحد أنّ هذه الزيادة والنقصان بدون حساب ودليل ،بل انّ كلّ ساعة وثانية ولحظة لا تمرّ دون حساب ،كما أنّ للجنين ودم الرحم حساب وكتاب أيضاً .
/خ10