الآيتان
{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَبَ إِلاَّأَمَانِىَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ( 78 ) فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَبَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ}( 79 ) .
سبب النّزول
عمد جمع من علماء اليهود إلى تغيير صفات نبي الإِسلام في التوراة من أجل صيانة مصالحهم ،واستمرار الأموال التي كانت تتدفق عليهم سنوياً من جَهَلَة اليهود .فعند ظهور النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) غيّروا ما ذكر من صفاته في التوراة وأبدلوها بصفات أخرى على العكس منها ،كي يموّهوا الأمر على الأميين الذين كانوا قد سمعوا من قبل بصفات النّبي في التوراة ،فمتى ما سألوا علماءهم عن هذا النّبي الجديد قرؤوا لهم الآيات المحرّفة من التوراة لإقناعهم بهذه الطريقة .
التّفسير
خطّة اليهود في استغلال الجهلة !
بعد الحديث عن إنحرافات اليهود في الآيات السابقة قسّمت هاتان الآيتان اليهود على مجموعتين: أُميين وعلماء ماكرين ،( هناك طبعاً أقلية من علمائهم آمنت والتحقت بصفوف المسلمين ) .
عن المجموعة الأولى يقول تعالى:{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} .
والأميّون جمع أُمّيّ ،والأميّ غير الدارس .وسمّوا بذلك لأنهم في معلوماتهم كما ولدتهم أمهاتهم ،أو لشدّة تعلق أمهاتهم بهم ،صعب عليهنّ فراقهم جهلا ،ومنعنهم من الذهاب إلى المدرسة{[164]} .
والأماني جمع أمنية ،ولعل الآية تشير هنا إلى الإِمتيازات الموهومة التي كان ينسبها اليهود لأنفسهم ،كقولهم:{نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} .(المائدة ،18 .) ،و كقولهم:{لَنْ تَمَسَّنا النَّارُ إلاّ أَيَّاماً مَعدُودَات} ( آل عمران ،24 ) .
ومن المحتمل أيضاً أن يكون المقصود من الأماني الآيات المحرفة التي كان علماء اليهود يشيعونها بين الأميين من الناس ،وهذا المعنى ينسجم أكثر مع قوله تعالى:{لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيِّ} .
وعلى أي حال عبارة: ({إنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ} دلالة واضحة على بطلان اتّباع الظن في فهم أُصول الدين ومعرفة مدرسة الوحي ،ولابدّ من التتبع والتحقيق في هذا الأمر .