هنا نزل الوحي الإلهي ،من أجل التمهيد لإنقاذ نوح ( عليه السلام ) وأصحابه القلّة وهلاك المشركين المعاندين ( فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا ) .
إنّ عبارة «بأعيننا » إشارة إلى أنّ سعيك في هذا السبيل سيكون تحت حمايتنا ،فاعمل باطمئنان وراحة بال ولا تخف من أي شيء .
واستعمال عبارة «وحينا » يكشف لنا أنّ نوحاً ( عليه السلام ) تعلّم صنع السفينة بالوحي الإلهي ،لأنّ التأريخ لم يذكر أنّ الإنسان استطاع صنع مثل هذه الوسيلة حتّى ذلك الوقت .ولهذا السبب صنع نوح ( عليه السلام ) السفينة بشكل يناسب غايته في صنعها ،ولتكون في غاية الكمال !
ثمّ تواصل الآية بأنّه إذا جاء أمر الله ،وعلامة ذلك فوران الماء في التنور ،فاعلم أنّه قد اقترب وقت الطوفان ،فاختر من كلّ نوع من الحيوانات زوجاً ( ذكر واُنثى ) واصعد به إلى السفينة: ( فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كلّ زوجين اثنين وأهلك إلاّ من سبق عليه القول منهم ) إشارة إلى زوج نوح ( عليه السلام ) وأحد أبنائه ،ثمّ أضافت الآية:
( ولا تخاطبني في الذين ظلموا انّهم مغرقون ) وهذا التحذير جاء حتّى لا يقع نوح ( عليه السلام ) تحت تأثير العاطفة الإنسانية ،عاطفة الاُبوّة ،أو عاطفته نحو زوجته ليشفع لهما ،في وقت افتقدا فيه لحقّ الشفاعة .