التّفسير
الوعد بنصر المؤمنين:
بعد أن تحدثت الآيات السابقة عن تحاجج أهل النّار وعجزهم عن أن ينصر أحدهم الآخر ،وبعد أن تحدثت الآيات التي سبقتها عن مؤمن آل فرعون وحماية الله له من كيد فرعون وآل فرعون ،عادت هذه المجموعة من الآيات البينات تتحدث عن شمول الحماية والنصر الإلهي لأنبياء الله ورسله وللذين آمنوا ،في هذه الدنيا وفي الآخرة .
إنّها تتحدث عن قانون عام تنطق بمضمونه الآية الكريمة: ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحيوة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ) .
إنّها الحماية المؤكّدة بأنواع التأكيد ،والتي لا ترتبط بقيد أو شرط ،والتي يستتبعها الفوز والنصر ،النصر في المنطق والبيان ؛وفي الحرب والميدان ؛وفي إرسال العذاب الإلهي على القوم الظالمين ،وفي الإمداد الغيبي الذي يقوي القلوب ويشد الأرواح ويجذبها إلى بارئها جلّ وعلا .
إنّ الآية تواجهنا باسم جديد ليوم القيامة هو: ( يوم يقوم الأشهاد ) .
«أشهاد » جمع «شاهد » أو «شهيد » ( مثل ما أنّ أصحاب جمع صاحب ،وأشراف جمع شريف ) وهي تعني الذي يشهد على شيء ما .
لقد ذكرت مجموعة من الآراء حول المقصود بالأشهاد ،نستطيع إجمالها بما يلي:
1 الأشهاد هم الملائكة الذين يراقبون أعمال الإنسان .
2 هم الأنبياء الذين يشهدون على الأمم .
3 هم الملائكة والأنبياء والمؤمنون الذين يشهدون على أعمال الناس .
أمّا احتمال أن تدخل أعضاء الإنسان ضمن هذا المعنى ،فهو أمر غير وارد ،بالرغم من شمولية مصطلح «الأشهاد » لأنّ تعبير ( يوم يقوم الأشهاد ) لا يتناسب وهذا الاحتمال .
إنّ التعبير يشير إلى معنى لطيف ،حيث يريد أن يقول أنّ: ( يوم الأشهاد )الذي تنبسط فيه الأمور في محضر الله تبارك وتعالى ،وتنكشف السرائر والأسرار لكافة الخلائق ،هو يوم تكون الفضيحة فيه أفظع ما تكون ،ويكون الانتصار فيه أروع ما يكون ...إنّه اليوم الذي ينصر الله فيه الأنبياء والمؤمنين ويزيد في كرامتهم .