التّفسير
بعد أنّ تحدثت الآيات السابقة عن نقض اليهود والنصارى لميثاقهم ،جاءت الآية الأخيرة لتخاطب أهل الكتاب بصورة عامّة وتدعوهم إلى الإِسلام الذي طهر الديانتين اليهودية والمسيحية من الخرافات التي لصقت بهما ،والذي يهديهم إلى الصراط السّوي المستقيم ،والذي ليس فيه أي انحراف أو اعوجاج .
وتبيّن الآيةفي البدايةأنّ رسول الله( صلى الله عليه وآله وسلم ) المبعوث إِليهم جاء ليظهر الكثير من الحقائق الخاصّة بالكتب السماوية التي أخفوها هم ( أهل الكتاب ) وكتموها عن الناس ،وإِن هذا الرّسول يتغاضى عن كثير من تلك الحقائق التي انتفت الحاجة إِليها وزال تأثيرها بزوال العصور التي نزلت لها ،فتقول الآية في هذا المجال: ( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم كثيراً ممّا كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير ...) .
وتدّل هذه الجملة القرآنية على أنّ أهل الكتاب كانوا قد أخفوا وكتموا الكثير من الحقائق ،لكن نبيّ الإِسلام( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أظهر من تلك الحقائق ما يفي منها بحاجة البشرية في عصر الإِسلام ،مثل بيان حقيقة التوحيد وطهارة الأنبياء وتنزههّم عمّا نسب إِليهم في التوراة والإِنجيل المزورين ،كما بيّن تحريم الربا ،والخمرة وأمثالهما ،بينما بقيت حقائق تخص الأُمم السابقة والأزمنة الغابرة ممّا لا أثر لذكرها في تربية الأجيال الإِسلامية ،فلم يتمّ التطرق إِليها .
وتشير الآية الكريمةأيضاًإلى أهمية وعظمة القرآن المجيد وآثاره العميقة في هداية وإِرشاد وتربية البشرية ،فتقول: ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ) النور الذي يهدي به الله كل من يبتغي كسب مرضاته إلى سبل السلام