قوله تعالى:{يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبيّن لكم كثيرا ممّا كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير ...} الآية [ المائدة: 15] .
إن قلتَ: لما عفا ،أي ترك كثيرا مما أخفوه من كتابهم ،مع أنه مأمور ببيانه ؟
قلتُ: إنما لم يبيّنه لأنه لم يؤمر ببيانه ،أو لأن المأمور ببيانه ،ما يكون فيه إظهار حكم شرعيّ ،كصفته ،وبعثته ،والبشارة به ،وآية الرجم({[142]} ) ،دون ما لم يكن فيه ذلك مما فيه افتضاحهم ،وهتك أستاره ،فيعفو عنه .
قوله تعالى:{قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتّبع رضوانه} [ المائدة: 15 ،16] .
إن قلتَ: كيف قال ذلك ،مع أن العبد ما لم يهده الله لا يتّبع رضوانه فيلزم الدّور ؟
قلتُ: فيه إضمار تقديره: يهدي به الله من علم أنه يريد أن يتّبع رضوانه ،كما قال:{والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا}({[143]} ) [ العنكبوت: 69] الذين أرادوا سبيل المجاهدةلنهدينهم سبيل مجاهدتنا .