/م20
ثمّ نقرأ في الآية التالية أنّ موسى أصابه اليأس والقنوط من القوم ،ورفع يديه للدعاء مناجياً ربّه قائلا: إِنّه لا يملك حرية التصرف إلاّ على نفسه وأخيه ،وطلب من الله أن يفصل بينهما وبين القوم الفاسقين العصاة ،لكي يلقى هولاء جزاء أعمالهم ويبادروا إلى إِصلاح أنفسهم ،حيث تقول الآية الكريمة في هذا المجال: ( قال ربّي إِنّي لا أملك إِلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين ) .
وبديهي إِنّ رفض بني إِسرائيل القاطع لأمر نبيهم كان بمثابة الكفر ،وما استخدام القرآن لعبارة «الفاسق » بحق هؤلاء إِلا لأن كلمة «الفسق » لها معان واسعة ،وتشمل كل خروج وانحراف عن سنة العبودية لله ،ولذلك نقرأ في القرآن الكريمحين التحدث عن انحراف الشيطانقول الله تعالى: ( ففسق عن أمر ربّه...){[1022]} .
وتجدر هنا الإِشارة إلى أنّ جملة: ( من الذين يخافون ...) الواردة في الآيات السابقة تدل على وجود قلة من اليهود كانت تخشى الله ،ومنهم الرجلان المذكوران في إِحدى الآيات الأخيرة وهما «يوشع » و«كاليب » بينما نلاحظ أن موسى( عليه السلام ) لا يذكر هنا غير نفسه وأخيه ،ولا يذكر ولو حتى بالتلميح أحداً من تلك القلّة ،وقد يكون السبب هو أن هارون لكونه الوصي لأخيه موسى( عليه السلام ) ولكونه أبرز شخصية في بني إِسرائيل من بعد موسى( عليه السلام ) ...لذلك ذكر اسمه دون غيره .