/م20
{ قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي} هذا القول من موسى عليه السلام ، صورته خبر ومعناه إنشاء ، فهو من بث الحزن والشكوى إلى الله ، والاعتذار إليه والتنصل من فسق قومه عن أمره ، الذي يبلغه عن ربه ، ومعنى العبارة إنني لا أملك أمر أحد أحمله على طاعتك إلا أمر نفسي وأمر أخي ، ولا أثق بغيرنا أن يطيعك في اليسر والعسر والمنشط والمكره .وهذا يدل على أنه لم يكن يوقن بثبات يوشع وكالب على ما كانا عليه من الرغبة والترغيب في الطاعة ، إذا أمر الله موسى أن يدخل أرض الجبارين ويتصدى لقتالهم هو ومن يتبعه ، فإن الذي يجرأ على القتال مع الجيش الكثير ، يجوز ألا يجرؤ عليه من النفر القليل ، وأما ثقته بأخيه فلعلمه اليقيني بأن الله تعالى أيده بمثل ما أيده به ، ولو لم يعلم هذا بإعلام لله ووحيه ، وما يجده من الوجدان الضروري في نفسه ، لكان بلاؤه معه في مقاومة فرعون وقومه ، ثم في سياسة بني إسرائيل معه وفي حال انصرافه لمناجاة ربه ، ما يكفي للثقة التامة .فلفظ ( أخي ) معطوف على ( نفسي ) وجعله بعضهم معطوفا على الضمير في ( إني ) أي وأخي كذلك لا يملك إلا نفسه .
{ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} الفرق الفلق والفصل بين الشيئين أو الأشياء ، ومنه فرق الشعر ، ويطلق على القضاء وفصل الخصومات ، وذلك قسمان حسي ومعنوي ، ومعنى الجملة هنا:فافصل بيننا – يعني نفسه وأخاه – وبين القوم الفاسقين عن الطاعة وهم جماعة بني إسرائيل ، بقضاء تقضيه بيننا ، إذ صرنا خصما لهم وصاروا خصما عن الطاعة وهم جماعة بني إسرائيل ، بقضاء تقضيه بيننا ، إذ صرنا خصما لهم وصاروا خصما لنا .وقيل معناها:إذا أخذتهم بالعقاب على فسوقهم فلا تعاقبنا معهم في الدنيا ، وقيل الآخرة .والأول هو المختار الموافق لقوله:{ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ} .
/خ26