ويأتي القسم الثّالث والقسم الرّابع: ( والشفع والوتر ) .
للمفسّرين آراء كثيرة فيما أُريد ب «الشفع والوتر » حتى ذكر بعضهم عشرين قولاً{[5960]} ،فيما ذهب آخرون لذكر ( 36 ) قولاً في ذلك{[5961]} .
وأهم تلك الأقوال ،ما يلي:
1مراد الآية العددان الزوجي والفردي ،فيكون القسم بجميع الأعداد ،تلك الأعداد التي تدور عليها وبها كلّ المحاسبات والأنظمة والمغطية لجميع عالم الوجود ،وكأنّه سبحانه وتعالى يقول: قسماً بالنظم والحساب .
وحقيقة الحساب والنظم في عالم الوجود ،تمثل الأسس الواقعية التي تقوم عليها الحياة الإنسانية .
2 - المراد ب «الشفع » المخلوقات ،لوجود قرين لكلّ منها ،والمراد ب «الوتر » الباري جلّ شأنه ،لعدم وجود شبيه له ولا نظير .
إضافة إلى أنّ الممكنات تتركب من ( ماهية ) و( وجود ) ،وهو ما يعبّر عنه بالفلسفة ب ( الزوج التركيبي ) ،أمّا الوجود المطلق الخالي من الماهية فهو «اللّه » حده ،( وأشارت بعض الرّوايات المنقولة عن المعصومين( عليهم السلام ) إلى ذلك ){[5962]} .
3المراد ب «الشفع والوتر » جميع المخلوقات ،لأنّها من جهة بعضها زوج والبعض الآخر فرد .
4المراد ب «الشفع والوتر »الصلاة ،لأنّ بعضها زوجي والبعض الآخر فردي ،( وورد هذا المعنى في بعض روايات أهل البيت( عليهم السلام ) أيضاً ){[5963]} ..أو هما ركعتي الشفع وركعة الوتر في آخر صلاة الليل .
5المراد ب «الشفع » يوم التروية ( الثامن من شهر ذي الحجة ،حيث يستعد الحجاج للوقوف على جبل عرفات ) ،و«الوتر » يوم عرفة ( حيث يكون حجاج بيت للّه الحرام في عرفات ..أو «الشفع » هو يوم عيد الأضحى ( العاشر من ذي الحجّة ،و«الوتر » هو يوم عرفة .
ووردت الإشارة إلى هذا المعنى في روايات أهل البيت( عليهم السلام ) أيضاً{[5964]}
والمهم .. إنّ الألف واللام في «الشفع والوتر » إن كانا للتعميم ،فكلّ المعاني تجتمع فيهما ،وكلّ معنى سيكون مصداق من مصاديق «الشفع » و«الوتر » ،ولا داعي والحال هذه إلى حصر التّفسير بإحدى المعاني المذكورة ،بل كلّ منها تطبيق على مصداق بارز .
أمّا إذا كانا للتعريف ،فستكون إشارتهما إلى زوج وفرد خاصين ،وفي هذه الحال سيكون تفسيران من التّفاسير المذكورة أكثر من غيرهما مناسبة وقرباً مع مراد الآية ،وهما:
الأوّل: المراد بهما يومي العيد وعرفة ،وهذا ما يناسب ذكر الليالي العشر الاُولى من شهر ذي الحجّة ،وفيهما تؤدى أهم فقرات مناسك الحج .
الثّاني: أنّهما يشيران إلى «الصلاة » ،بقرينة ذكر «الفجر » ،وهو وقت السحر ووقت الدعاء والتضرع إلى اللّه عزّ وجلّ .
وقد ورد هذان التّفسيران في روايات عن أئمّة أهل البيت المعصومين( عليهم السلام ) .