{إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ 3 إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللّهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ 4}
المفردات:
في ستة أيام: أي: في ستة أوقات لا يعلم مداها إلا الله تعالى أما اليوم المعروف ؛فإنه لم يحدث إلا بعد خلق السماوات والأرض .
ثم استوى على العرش: ثم استولى عليه ،ومنه قول الشاعر: استوى بشر على العراق .من غير سيف ودم مهراق .
أي: ثم استولى على العرش ؛ليدبر شئونه وشئون الكون كله ،ولم يغلبه عليه أحد ،فهو وحده الخالق المدبر ،وسيأتي في المعنى الحديث عن العرش .
التفسير:
3{إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض ...} الآية .
جاءت هذه الآية لإظهار بطلان تعجبهم من أن الله تعالى أرسل إليهم رجلا منهم ؛لينذرهم ويبشرهم .
المعنى: إن ربكم ومالك أموركم هو الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أزمنة أو أيام ،قيل: كأيام الدنيا ،وقيل: كل يوم كألف سنة مما تعدون ،أو خمسين ألف سنة .
والمختار: أن السماوات والأرض خلقت في ستة مراحل متباعدة ،اقتضاها تطوير خلقها من دخان إلى نجوم وكواكب وأرضين يابسات . i
{ثم استوى على العرش} .أي: ملك سلطان الكون وهيمن عليه .
{يدبر الأمر} .أي: يدبر أمر الخلائق والملكوت بما يتفق مع حكمته وعلمه ،ويقدر أمر الكائنات على ما اقتضته حكمته ،وسبقت به كلمته .
{ما من شفيع إلا من بعد إذنه} .في هذا النص الكريم تقدير لعظمة الله ؛فهو المتفرد بالألوهية ،ليس معه إله آخروقد ادعى المشركون أن آلهتهم تقربهم إلى الله زلفى ؛فذكر القرآن الكريم في أكثر من آية أن الشفاعة مقصورة على من ارتضاه الله أهلا للشفاعة وهو محمد صلى الله عليه وسلم .
والمعنى: ما من شفيع لأحد في وقت من الأوقات إلا من بعد إذن الله المبني على الحكم الباهرة ،وذلك عند كون الشفيع من المصطفين الأخيار ،والمشفوع له ممن تليق به الشفاعة من عصاة المؤمنين .
{ذالكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون} .أي: هذا الذي ذكر فضله وآلاؤه هو الله الذي لا إله سواه .وهو ربكم وخالقكم ؛فاعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئا .
{أفلا تذكرون} .أفلا تتفكرون أدنى تفكر ،فينبهكم على أنه المستحق للربوبية والعبادة لا ما تعبدونه .