المفردات:
يتجرعه: أي: يتكلف بلعه مرة بعد أخرى من الجرع وهو البلع .
ولا يكاد يسيغه: ولا يقارب أن يبتلعه بسهولة .
التفسير:
{يتجرعه ولا يكاد يسيغه ...} .
يكلف شربه ولا يستسيغ ذلك ؛لمرارته ورداءة طعمه ،ولونه وريحه ،وشدة حرارته ،لكنه يكلف أن يتجرعه جرعة بعد جرعة ،ويسقاه على الرغم من قهرا وقسرا .
روى الإمام أحمد والترمذي والنسائي والحاكم ،وصححه غيرهم: عن أبي أمامة: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الآية:( يقرّب إليه فيتكرّهه ؛فإذا أدنى منه شوى وجهه ،ووقعت فروة رأسه ،فإذا شربه قطع أمعاءه ،حتى يخرج من دبره ) .
يقول الله تعالى:{وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم} .( محمد:15 ) .
{ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت} .
أي: تأتيه أسباب الموت من كل مكان في جسمه ،فكل عضو يعذب عذابا شديدا ،حتى أطراف شعره ،وإبهام رجله .
أوالمراد: تأتيه أسباب الموت من الشدائد ،وأنواع العذاب في كل موضع ،والمراد: أنه يحيط به من جميع الجهات ،من قدامه ومن خلفه ،ومن فوقه ومن تحته ،وعن يمينه وشماله ،في نار جهنم ،ليس منها نوع إلا يأتيه الموت منه لو كان يموت ،لكنه لا يموت !.
قال تعالى:{والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور} .( فاطر:36 ) .
وقال سبحانه:{ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون} .( الزخرف:77 ) .
فهم مخلدون في جهنم يستقبلون في كل وقت عذابا أشد وأشق .
{ومن ورائه عذاب غليظ} .أي: وله من بعد هذه الحال ،عذاب آخر مؤلم أغلظ من الذي قبله .
وعذاب النار وأهوالها متفاوت في شدته ؛فالنار دركات ،كما أن الجنة درجات ،فلا يستوي في الجزاء كافر عنيد متمرد يسعى في الأرض فسادا ،وكافر مغلوب على أمره .
قال تعالى:{إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار} . ( النساء:145 ) .
روى الشيخان: عن النعمان بن بشير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة ،لرجل وضع في أخمص9 قدميه جمرة يغلي منها دماغه )10 .