/م94
المفردات:
ما عندكم ينفد وما عند الله باق: ما عندكم يفنى وينقضي ،وما عند الله في الآخرة باق لا يزول .
التفسير:
{ما عندكم ينفد وما عند الله باق ...} .
فالحياة الدنيا فانية ،والآخرة باقية ،والدنيا كلها إلى زوال وفناء ،وإن طال الأمد وجلّ العدد ،وما في خزائن الله باق لا نفاد له .
وفي الحديث الشريف:
( يقول ابن آدم:مالي مالي ،وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ،أو لبست فأبليت ،أو تصدقت فأبقيت )60 .
وفي الحديث النبوي الشريف:
( إن الصدقة توضع في يد الله قبل أن توضع في يد السائل ؛فينميها كما ينمي أحدكم فصيله )61 .
{ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} .
ولنكافئن الذين صبروا على طاعتنا ،واجتنبوا معصيتنا ،ووفوا بعهودنا ،بجزاء أفضل وأكرم ،مما كانوا يعملونه في الدنيا ،من خيرات وطاعات ،وفي الآية عدة جميلة ،باغتفار ما عسى أن يكون قد فرط منهم ،أثناء ذلك من جزع يعتريهم بحسب الطبيعة البشرية .
وقد رغب القرآن والسنة في التزام الوفاء بالعهد ،وصار ذلك من ركائز الإسلام ودعائمه ،ودخلت في الإسلام جماعات وشعوب ،بسبب ما رأوه من وفاء المسلمين بعهدهم ،ومن صدقهم في وعدهم ومن إخلاصهم في معاملاتهم .
روى: أنه كان بين معاوية بن أبي سفيان وملك الروم أمد ،فسار إليهم في آخر الأمد ،حتى إذا انقضى وهو قريب من بلادهم أغار عليهم وهم غارّون لا يشعرون ؛فقال له عمر بن عتبة:الله أكبر يا معاوية ،وفاء لا غدر ،سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( من كان بينه وبين قوم أجل فلا يحلن عقدة حتى ينقضي أمدها )62 ،فرجع معاوية بالجيش ،والروايات عن حفظ العهود متواترة مشهورة .