/م94
التفسير:
فلنحيينه حياة طيبة: أي: حياة طيبة في الدنيا ،ويشمل ذلك: القناعة ،والرضا ،والبركة في العمر ،وقيل: حياة طيبة في الجنة ونعيمها ،وأكثر المفسرين على أن الحياة الطيبة: في الدنيا .
{من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} .
تضع هذه الآية أصلا عاما ،وقاعدة أصيلة ،فالذي يعمل العمل الصالح ،ويؤدي واجبه نحو ربه ،ونحو نفسه وأسرته وقرابته وأمته ،ذكرا كان أم أنثى ؛فإن الله تعالى يكافئه أحسن مكافأة ،حيث يحيا حياة طيبة ،في رضا وقناعة وسعادة وعز في الدنيا وجزاء كريم في الآخرة ،مع الفضل العظيم من الله الذي يجازي الحسنة بعشر أمثالها ،ويضاعف سبحانه لمن يشاء وهو ذو الفضل العظيم .
جاء في ظلال القرآن:
وإن العمل الصالح مع الإيمان ؛جزاؤه حياة طيبة في هذه الأرض ،لا يهم أن تكون ناعمة رغدة ثرية بالمال ،فقد تكون به ،وقد لا يكون معها ،وفي الحياة أشياء كثيرة غير المال الكثير ،تطيب بها الحياة في حدود الكفاية ،فيها الاتصال بالله ،والثقة به ،والاطمئنان إلى رعايته وستره ورضاه ،وفيها الصحة والهدوء والرضا والبركة ،وسكن البيوت ،ومودات القلوب ،وفيها الفرح بالعمل الصالح ،وآثاره في الضمير في الحياة ،وليس المال إلا عنصرا واحدا ،يكفي منه القليل ،حين يتصل القلب بما هو أعظم وأزكى وأبقى عند الله ،وإن الحياة الطيبة لا تنقص من الأجر الحسن في الآخرة ،وأن هذا الأجر يكون على أحسن ما عمل المؤمنون العاملون في الدنيا ،ويتضمن هذا تجاوز الله لهم عن السيئات ،فما أكرمه من جزاء ! 63 .
من هدي السنة
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول:( اللهم ،قنعني بما رزقتني ،وبارك لي فيه ،واخلف عليّ كل غائبة لي بخير )64 .
وأخرج الترمذي والنسائي من حديث فضالة بن عبيد:أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:( قد أفلح من هدي إلى الإسلام ،وكان عيشه كفافا ،وقنع به )65 .
وعن عبد الله بن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( قد أفلح من أسلم ،ورزق كفافا ،وقنعه الله بما آتاه66 .