65 - ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ .
نكسوا على رءوسهم: يقال: نكسته ،أي: قلبته فجعلت أعلاه أسفله ،والمراد: أنهم انقلبوا من الاعتراف بالحق إلى المكابرة والجدال بالباطل .
لقد قاوموا ضمائرهم ،وركبوا رءوسهم بلا عقل ،ولا تفكير ،وانقلبوا من الإذعان إلى المكابرة والطغيان ،فما أجمل تعبير القرآن بقوله: ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِم .وهو تعبير مصور ؛يصور سلوك إنسان استبان له الهدى والنور ؛فسار على قدميه وفكر بعقله ؛واهتدى بفطرته لحظة ؛ثم قاوم الهدى ،ورفض التفكير العقلي ،ورفض الهداية والنور ،وسار على رأسه وعقله منتكسا .
ثم قالوا لإبراهيم: ْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ .
إن الأصنام لا تنطق ،ولا تسمع ولا تعقل ،فاكتفوا بكلمة واحدة منها ؛لأنها تدل عليها ،فليس لدى الأصنام نطق ولا عقل ولا تفكير .
والانتكاس: أن يسير الإنسان على رأسه بدلا من أن يسير على قدميه ،وقد صور القرآن هذا المعنى في سورة تبارك الملك حيث قال تعالى: أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم .( الملك: 22 ) .
ومعناها: أتنعكس الحال ،فمن يمشي متعثرا ساقطا على وجهه أهدى في سيره ،أم من يمشي مستوي القامة على طريق لا اعوجاج فيه ؟