{وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ ( 17 )} .
التفسير:
17 - وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ .
سبع طرائق: سبع سماوات طباقا بعضها فوق بعض ،والطرائق: جمع طريقة ،سميت بذلك لأنه طورق بعضها فوق بعض ،مطارقة النعل للنعل ،وكل ما فوقه مثله فهو طريقة ،أو لأنها طرق الملائكة ،وقيل: المراد بالطرائق: الأفلاك ،لأنها طرائق الكواكب ،فيها سيرها .والأول أصح .
الخلق: المخلوقات التي منها السماوات السبع .
غافلين: مهملين أمرها ،بل نحفظها من الزوال والاختلال ؛وندبر أمرها حتى تبلغ منتهى ما قدر لها من الكمال .
في الآيات السابقة حديث عن خلق الإنسان ،ومروره بمراحل متعددة: نطفة ،ثم علقة ،ثم مضغة ،ثم عظام ثم تكسى العظام لحما ،ثم تنفخ فيه الروح ،وتدب فيه الحياة فيصبح إنسانا فيه السمع والبصر ،والبطش والعقل والحياة ،وكثيرا ما يقرن القرآن بين خلق الإنسان وخلق السماوات والأرض .
قال تعالى: لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ...( غافر: 57 ) .
ومعنى الآية: ولقد خلقنا فوقكم سبع سماوات متطابقة ،كل سماء تشبه الأخرى ،وهي أيضا طرق للملائكة ،وطرق للكواكب .
وفي معنى الآية قوله تعالى: ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا .( نوح: 15 ) .
وقوله سبحانه: الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما .( الطلاق: 12 ) .
وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ .
لقد خلقنا الإنسان ،وخلقنا كل شيء بحكمة وقدر ،ولم نخلق الخلق ثم نهمله أو ننساه كما ادعى بعض الفلاسفة ،بل استمرت عنايتنا بالمخلوقات ،واستمر حفظنا لها ؛لكفالة بقائها واستمرارها ،ونحن نعلم ما يحدث فيها من صغير أو كبير .
قال تعالى: وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ .( الأنعام: 59 ) .
وقال تعالى: يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ .( الحديد: 4 ) .