/م63
70-{إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} .
أي: من يرتكب هذه الموبقات من الشرك والقتل والزنا ،فإنه يدخل جهنم ،ويضاعف له العذاب والمهانة والمذلة ،لكن من تاب إلى الله توبة نصوحا ،وآمن بالله ورسوله ،وعمل الأعمال الصالحة ،فإن الله تعالى يقبل توبتهم ،ويبدل سجلات سيئاتهم حسنات بعد توبتهم ،لأن الله واسع المغفرة ،رحيم بعباده ،يصفح عنهم ويغفر ذنوبهم .
وقيل: إن المراد بتبديل السيئات إلى حسنات: أن العبد بعد التوبة تتبدل أعماله من القبيح إلى الحسن .
فتسجل له الحسنات بدلا من السيئات .
قال سعيد بن جبير: أبدلهم الله بعبادة الأوثان عبادة الرحمان ،وأبدلهم بقتال المسلمين قتال المشركين ،وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات .
وقال الحسن البصري: أبدلهم الله بالعمل السيئ العمل الصالح ،وأبدلهم بالشرك إخلاصا ،وأبدلهم بالفجور إحصانا ،وبالكفر إسلاما .
وباب التوبة دائما مفتوح يدخل منه كل من استيقظ ضميره ،وأراد العودة والمآب ،لا يصدّ عنه قاصد ،ولا يغلق في وجه لاجئ أيّا كان ،وأيا ما ارتكب من الآثام .
وقد ورد في القرآن الكريم حث على التوبة النصوح ،وبيان فضل الله في قبول التوبة ،وتكفير السيئات ،فالله تعالى من أسمائه الحسنى: غافر وغفّار وغفور ،وغافر: اسم فاعل ،يدل على المغفرة ،وغفّار وغفور: صيغة مبالغة ،تدل على كثرة المغفرة .
قال تعالى:{غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير} [ غافر:3]
وقال عز شأنه:{وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} [ طه: 82]
وقال تعالى:{تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير* الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور} [ الملك: 1 ،2] .
التوبة في الإسلام بابها مفتوح ،وهي وسيلة عملية للاستقامة ،حيث تصدق النفس ،وتتغير الأعمال ،ويتحول الإنسان من الهوى والمعصية إلى الإيمان الصادق والاستقامة والطاعة ،فتفتح له أبواب السماء ،ويفرح به الحق تعالى ،إن الله يحب التوابين ،والتائب حبيب الرحمان ،حيث تاب إلى الله ،وهو أعظم مأمول ،فأنعم به من تائب ،وأنعم بالله من رب كريم