المفردات:
زوج: صنف
كريم: الكريم من كل شيء: المرض المحمود منه .
التفسير:
7-{أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم}
لقد طلبوا معجزات وآيات مادية ،كي يستدلوا بها على صدق محمد صلى الله عليه وسلم ،فلفت القرآن أنظارهم إلى خلق الله في هذا الكون ،كيف أرسل الرياح وأنزل المطر ،فسقى به الأرض ،فأنبتت صنوفا من النباتات ،وألوانا من الزروع ،منها نبات يفترق فيه الذكر عن الأنثى ،ومنها نبات يتجاور فيه ويجتمع فيه أعضاء التذكير وأعضاء التأنيث ،في عود واحد .{أو لم يروا ...؟} والأمر لا يحتاج لأكثر من الرؤية والنظر ،إلى هذه الأرض ،كيف يحييها الله بعد موتها ،بإنبات صنوف النبات وأنواعه ،وكيف جعل هذا النبات أزواجا ،ذكرا وأنثى ،لضمان استمرار الخضرة وتتابع الأرزاق .
قال تعالى:{ومن كل شيء خلقنا زوجين ...} [ الذاريات: 49] .
وقال عز شأنه:{سبحان الذي خلق الأزواج كلها ..} [ يس: 36] .
والقرآن هنا كعادته يأخذ طريقه إلى القلوب والأفئدة ،كي تتأمل وتفكر في خلق الله ،وبهذا يوقظ الحسد الخامد ،وينبّه الفكر الغافل ،ويبصر القلوب العمياء ،كما قال:{وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون} [ يوسف: 105] .
ونلاحظ أن: كمْ تدل على الكثرة ،أي: كثيرا ما أنبتنا في الأرض من الزروع والثمار ،وكل زوج إشارة إلى خلق كل نوع من أنواع النبات ،وفيه تنبيه على كمال القدرة ،ونهاية الجود والرحمة .
وفي معنى هذه الآية وردت آيات كثيرة ،تدل على فضل الله على عباده في خلق الكون ،وتسخير السماء والأرض ،وإنبات النبات ،قال تعالى:{أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج* والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج* تبصرة وذكرى لكل عبد منيب*ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد*والنخل باسقات لها طلع نضيد* رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذلك الخروج} [ ق: 6-11] .
فالكون حافل بأدلة التوحيد والقدرة والعناية الإلهية ،قال الشاعر:
تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات *** بأبصارهن الذهب السبيك
على قضب الزبر جد شاهدات بأن الله ليس له شريك
ووصف النبات بأنه كريم ،أي: نافع مفيد .
قال المفسرون: الكريم نعت لكل ما يُرضى ويحمد في بابه ،ومنه: وجه كريم ،إذا رضي في حسنه وجماله ،وكتاب كريم ،مرض في مبانيه ومعانيه ،ونبات كريم ،مرض فيما يتعلق به من المنافع ،من زروع وثمار وحيوان .
وفي سورة عبس يقول الله تعالى:{فلينظر الإنسان إلى طعامه*أنا صببنا الماء صبا* ثم شققنا الأرض شقا*فأنبتنا فيها حبا*وعنبا وقضبا*وزيتونا ونخلا*وحدائق غلبا*وفاكهة وأبا* متاعا لكم ولأنعامكم} [ عبس: 24-32] .