/م38
44-{قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت: رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} .
كان سليمان عليه السلام قد بنى قصرا من البلور ،أقيمت أرضيته فوق الماء ،وظهر كأنه لجة .
فلما قيل: ادخلي قصر سليمان عليه السلام ،حسبت أنها ستخوض تلك اللجة من الماء ؛فكشفت عن ساقيها ،لتمنع ثيابها من البلل ،فقال سليمان عليه السلام: إنه قصر مملس من الزجاج الصافي .
وهنا نجد الملكة تتابع أمامها مشاهد المفاجآت ،واحدة وراء الأخرى ،وتشاهد هنا عظمة بالغة في بناء القصر ،والصرح العظيم ،والمياه المتدفقة ،والزجاج المموج ،وألوان التقدم العلمي والتقني والفني ،مع العظمة الباهرة في الجنود والأتباع ،والقصور والقوى العجيبة المسخرة ،فأعلنت ندمها على عبادة الشمس من دون الله ،وتأخير إسلامها وإيمانها بالله رب العالمين ،{قالت رب إني ظلمت نفسي ..} بالشرك وعبادة الشمس .
{وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين}
وتابعت سليمان في دينه ،والإيمان والانقياد لله رب العالمين وخالق الأكوان من الأزل إلى الأبد .
قال ابن كثير: والغرض أن سليمان عليه السلام ،اتخذ قصرا عظيما ،منيفا من زجاج لهذه الملكة ،ليريها عظمة سلطانه وتمكنه ،فلما رأت ما آتاه الله ،وعظمة ما هو فيه ،وتبصرت في أمره ،انقادت لأمر الله تعالى ،وعرفت أنه نبي كريم ،ومليك عظيم ،وأسلمت لله عز وجل .
لطيفة: أخذ بعض العلماء من قوله تعالى:{وتفقد الطير ..} استحباب تفقد الملك لأحوال الرعية وكذلك تفقد الأصدقاء ،والإخوان ،والخلان ،وأنشد بعضهم .
سنّ سليمان لنا سُنّةً *** وكان فيما سنّة مُقتدى
تفقد الطير على ملكه *** فقال: ماليَ لا أرى الهدهدا
/خ44