/م83
86-{ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون}
للقرآن الكريم طريقته الفذّة في عرض مشاهد القيامة ،ثم الانتقال بالناس إلى الدنيا ،والانتقال بالقلوب إلى التأمل ،كأنما يقول: كان الأولى بهؤلاء الكافرين أن ينظروا إلى آيات الله في الآفاق ،ألم يتأملوا في آثار قدرة الله: حيث جعل الليل مظلما هادئا ساكنا ،ليسكنوا فيه نائمين هادئين ،تهدأ أعصابهم ،وتنام أجسامهم ،وتستريح أبدانهم .
{والنهار مبصرا ..} أي: النهار مضيء ،فيه الشمس والنور والحياة والحركة والسعي والعمل .
{إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون}
أي: في تكامل هذا الكون بكل ما فيه ،حيث جعل الليل والنهار ،وجعل الليل ساعات محددة ،والنهار كذلك ؛ليعمل الناس بالنهار ،وليستريح الناس بالليل ،ولو امتد النهار نصف عام ،لأحرقت الشمس الزروع وفسدت الحياة ،ولو استمر الليل نصف عام ،لتجمدت الأشياء وتعطنت الأجسام ،وتعطلت المصالح ،وفي تتابع الليل والنهار بهذه الحكمة وتلك القدرة آيات بينات لمن أراد الإيمان بالله رب العالمين .
قال تعالى:{قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون*قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون*ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون} [ القصص: 71-72] .