{ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين ( 87 ) وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون( 88 )} .
المفردات:
الصور: البوق
فزع: خاف
أتوه: جاءوه
داخرين: صاغرين .
التفسير:
87-{ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين} .
واذكر يوم ينفخ إسرافيل في البوق أو القرن: فيقوم الناس من قبورهم فزعين خائفين ،قال تعالى:{قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمان وصدق المرسلون} [ يس: 52] .
وقد استثنى الله بعض مخلوقاته من هذا الفزع ،قيل: الرسل والشهداء ،وقيل أيضا: رؤساء الملائكة ،مثل: جبريل ،وإسرافيل ،وميكائيل ،وجميع الناس جاءت للبعث والحساب صاغرين أذلاء من هول الموقف وشدة الكرب ،قال تعالى:{يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم*يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} [ الحج: 1 ،2] .
النفخ في الصور
ذكر القرآن الكريم النفخ في الصور على أنه من مشاهد القيامة ،كما ورد ذلك في الحديث الصحيح ،وقد أورد ابن كثير عددا من الأحاديث ،منها حديث صحيح أخرجه الإمام مسلم ،عند عبد الله بن عمرو ،وتكلم عن ذلك أبو السعود ،والقرطبي وغيرهما .
وقد ذكر ابن كثير أن النفخ في الصور ثلاث مرات:
الأولى: نفخة الفزع .
الثانية: نفخة الصعق وهو الموت .
الثالثة: نفخة البعث وقيام الناس لرب العالمين .
ورجح غيره من المفسرين أن النفخ في الصور سوف يكون مرتين:
الأولى: تموت عندها الخلائق ،ويمكن أن تشتمل على الفزع والصعق والموت .
الثانية: نفخة البعث التي يقوم الناس عندها لرب العالمين .
قال تعالى:{ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون} [ يس: 51] .
وقال تعالى:{ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون} [ الروم: 25] .
وقد اختلف العلماء فيما جاء بهذه الآية رقم 87 من سورة النمل ،أهي النفخة الأولى أم النفخة الثانية ؟فمنهم من رجح أنها النفخة الثانية ،التي يكون بعدها الجزاء والحساب ،واستشهد بآخر الآية حيث يقول الله تعالى:{ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين} .
ورجح العلامة الطيبي وغيره من المفسرين أن الآية تشير إلى النفخة الأولى ،والمراد بالفزع: الخوف الذي ينتهي إلى الموت لغاية شدة الهول .
قال تعالى في الآية 68 من سورة الزمر ،{ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون}
قال العلامة الطيبي ؛فالآية 87 من سورة النمل تشير إلى النفخة الأولى ،وقوله تعالى:{وكل أتوه داخرين} إشارة إلى النفخة الثانية .
من تفسير القرطبي
قال القرطبي في تفسيره:
والصحيح في الصور أنه قرن من نور ينفخ فيه إسرافيل ،والصحيح -أيضا- في النفخ في الصور أنهما نفختان وأن نفخة الفزع إنما تكون راجعة إلى نفخة الصعق ،لأن الأمرين لا زمان لهما .. والمراد هنا-النفخة الثانية- أي: يحيون فزعين يقولون: من بعثنا من مرقدنا ؟ويعاينون من الأمر ما يهولهم ويفزعهم . أ . ه .
وأرجع أن المراد في الآية النفخة الأولى .
وخلاصة المعنى:
واذكر أيها المشاهد يوم ينفخ إسرافيل في الصور ،فيفزع سكان السماوات وسكان الأرض ،إلا من حفظه الله من الفزع ،ويعقب ذلك موت الناس وصعقهم أربعين سنة ،ثم ينفخ إسرافيل مرة أخرى فيقوم الناس لرب العالمين ويحشرون جميعا أذلاء صاغرين ،{وكل أتوه داخرين} .