{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا ءامنا بالذي انزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون( 46 ) وكذلك أنزلنا إليك الكتاب فالذين ءاتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما يجحد بئاياتنا إلا الكافرون( 47 ) وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذ لارتاب المبطلون( 48 ) بل هو ءايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بئاياتنا إلا الظالمون( 49 )}
المفردات:
الجدل: الحجاج والمناظرة والمناقشة .
أهل الكتاب: اليهود والنصارى أتباع موسى وعيسى عليهما السلام .
إلا بالتي هي أحسن: إلا بالخصلة التي هي أحسن كمعارضة الخشونة بالين والغضب بالكظم وضبط النفس والمشاغبة بالنصح والتنبيه إلا آيات الله وحججه .
إلا الذين ظلموا منهم: لكن الظالمون منهم بالإفراط في الاعتداء والعناد والمحاربة ،فجادلوهم وعاملوهم بالمثل .
وأنزل إليكم: صدقنا بالقران وبالتوراة وبالإنجيل في أصولهما الصحيحة .
مسلمون ***: خاضعون مطيعين .
التفسير:
{ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} .
دعوة للمسلمين أن يتلطفوا في النقاش والجدال مع أهل الكتاب باستعمال النغمة الهادئة ،والحكمة والأسلوب اللين .
كما قال تعالى:{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ...} ( النحل: 125 ) .
وقال سبحانه لموسى وهارون:{اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} ( طه: 43-44 ) .
وهذا منهج الإسلام في النقاش والجدال ،ورحابة صدره حيث يدعو إلى الإيمان بالرسل والكتب والأنبياء السابقين لأن الرسل جميعا أرسلهم اله واحد بالدعوة إلى توحيد الله ،والتحلي بمكارم الأخلاق والتخلي عن الرذائل والقبائح .
يقول الله تعالى:{آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير} ( البقرة: 285 ) .
وروى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الأنبياء إخوة لعلاَّت ،أمهاتهم شتى ودينهم واحد ". 23
ما أجمل دين الإسلام وما أسمى أهدافه فقد احترم الرسالات السماوية وصدق بالكتب السابقة وحث على النقاش الهادئ مع أهل الكتاب واستعمال اللغة المهذبة ،والتعرف على ما عند الآخرين بالأسلوب الأحسن على حد قول علمائنا نتعاون فيما اتفقنا عليه يميز بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه .
لكن من ظلم من أهل الكتاب واعتدى في فعله أو قوله فإنه يعامل معاملة مماثلة .
{فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ...}( البقرة: 194 ) .
{وقولوا آمنا بالقرآن وبالتوراة والإنجيل إيمانا مجملا} .
أخرج البخاري عن أبي هريرة قال كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم"لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ،وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون ". 24
أي: ربنا وربكم واحد لا شريك له في الألوهية ،ونحن له مسلمون مطيعون مستسلمون لحكمه وأمره .