50-{ومصدقا لما بين يدي من التوراة واحل لكم بعض الذي حرم عليكم}
التفسير:
وأرسلت إليكم مصدقا لشريعة التوراة التي أنزلت على موسى ولأبيح لكم بأمر من الله بعض ما حرم عليكم من قبل وقد جئتكم بآية من الله على صدق رسالتي فاتقوا الله وأطيعوني .
( والآية تكشف عن طبيعة المسيحية الحقة فالتوراة التي تنزلت على موسى عليه السلام وهي تتضمن التشريع المنظم لحياة الجماعة وفق حجة ذلك الزمان وملابسات حياة بني إسرائيل ( بما أنها ديانة خاصة لمجموعة من البشر في فترة من الزمان ) هذه التوراة معتمدة في رسالة المسيح عليه السلام وجاءت رسالته مصدقة لها مع تعديلات تتعلق بإحلال ما حرم الله عليهم وكان تحريمه في صورة عقوبات حلتبهم على معاصي وانحرافات وأدبهم الله عليها بتحريم بعض ما كان حلالا لهم ثم شاءت إرادته أن يرحمهم بالمسيح عليه السلام فيحل لهم بعض الذي حرم عليهم .
ومن هذا يتبين ان طبيعة الدين- أي دين - يتضمن تنظيما لحياة الناس بالتشريع وألا يقتصر على الجانب التهذيبي الأخلاقي وحده ولا على المشاعر الوجدانية وحدها ولا على الشعائر والعبادات وحدها كذلك فهذا لا يكون دينا فما الدين إلا منهج الحياة الذي أراده الله للبشر نظام الحياة الذي يربط حياة الناس بمنهج الله ولا يمكن ان ينفك عنصر العقيدة الإيمانية عن الشعائر التعبدية وعن القيم الأخلاقية وعن الشرائع التنظيمية في أي دين يريد أن يصرف حياة الناس وفق المنهج الإلهي وأي انفصال لهذهالمقومات يبطل عمل الدين في النفوس وفي الحياة ويخالف مفهوم الدين وطبيعته كما أراد الله .
( وهذا ما حدث للمسيحية فقد انتهت المسيحية إلى ان تكون نحلة بغير شريعة وعجزت المسيحية ان تكون نظاما شاملا للحياة البشريةواضطر أهلها إلى الفصل بين القيم الروحية والقيم العملية في حياتهم كلها ومن بينها النظام الاجتماعي الذي تقوم عليه هذه الحياة فالمسيحية كما جاء بهاالسيد المسيح هي الشريعة المنظمة للحياة المنبثقمن التصور الاعتقادي في الله وهي تصدق بالتوراة وتؤيدها ولكن العداءبين اليهودية والمسيحية جعل كل فريق يرفض ما عند الفريق الآخر ) ( 169 ) .
قال تعالى:{ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما اتبعوا فبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض} .( البقرة 145 ) .
قال تعالى: ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما انت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض} ( البقرة: 145 ) .