/م50
61-{لمثل هذا فليعمل العاملون} .
أي: هذا هو المثل الأعلى ،والجائزة الكبرى ،التي تستحق أن يجتهد من أجلها أهل الدنيا ،فيسهروا ليلهم ،وينشطوا في نهارهم ،ويجتهدوا في حياتهم لجائزة كبيرة تستحق هذا التعب ،وهي الجنة ،أما العمل للدنيا وحدها ،فجزاؤه محدود ،ونهايته فناء لا خلود .
قال قتادة: هذا من كلام أهل الجنة .
وقال ابن جرير: هو من كلام الله تعالى ،ومعناه: لمثل هذا النعيم وهذا الفوز ،فليعمل العاملون في الدنيا ،ليصيروا إليه في الآخرة{[548]} .
أخرج ابن أبي حاتم ،وابن ماجة في كتاب الزهد من سننه ،عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا هل مشمر إلى الجنة ،فإن الجنة لا خطر لها ،هي ورب الكعبة نور كلّها يتلألأ ،وريحانة تهتز ،وقصر مشيد ،ونهر مطرد ،وثمرة نضيجة ،وزوجة حسناء جميلة ،وحلل كثيرة ،ومقام في أبد في دار سلامة ،وفاكهة خضرة ،وخير ونعمة ،في محلة عالية بهية"،قالوا: نعم يا رسول الله ،نحن المشمِّرون لها ،قال صلى الله عليه وسلم: "قولوا إن شاء الله"،فقال القوم: إن شاء الله{[549]} .
وكان أحد المسلمين في غزو الروم يقول:
حبذا الجنة واقترابها طيب وبارد شرابها
والروم روم قد دنا ضرابها عليّ إن لقيتها قتالها .