16-{واللذان يأتينها منكم فآذوها فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما} .
المعنى العام:
والرجل والمرأة اللذان يزنيان وهما غير متزوجين ،فلهما عقوبة محددة ،إذا ثبت الزنا بشهادة شهود أربعة عدول .
قال ابن عباس: عقوبتها الشتم والتعيير والضرب بالنعال او باليد أي مطلق الإيذاء المناسبلهما .
فإن تابا بعد العقوبة فلا تذكروهما بما ارتكبا ،ولا تعيروهما به ،إن الله يقبل برحمته توبة التائبين .
التعليق على الآية:
اختلف العلماء في المراد بقوله: واللذان .
أ .فمنهم من قال: المراد بهما الرجل والمرأة البكران اللذان لم يحصنا .
ب .ومنهم من قال: المراد بهما الرجل والمرأة لا فرق بين بكر وثيب ،والمختار عند كثير من العلماء هو الرأي الأول .
قالوا: وقد نسخ حكم هذه الآية بآية النور ،حيث جعل حكم الزانيين اللذين لم يحصنا جلد مائة .
ومن العلماء من قال إن هذه الآية منسوخة بسورة النور ،فإن العقوبة ذكرت هنا مجملة غير واضحة المقدار لأنها مجرد الإيذاء وذكرت مفصلة بينة المقدار في سورة النور ،أي أن ما ذكر هنا من قبيل المجمل ،وما ذكر في سورة النور من قبيل المفصل ،وأنه لا نسخ بين الآيتين .
رأي أبي مسلم الأصفهاني:
لأبي مسلم الأصفهاني رأي آخر في تفسير هاتين الآيتين فهو يرى أن المراد بالآية 15 من سورة النساء .{واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} إلى آخر الآية النساء السحاقات اللاتي يستمتع بعضهن ببعض ،وحدهن الحبس .
والمراد بالآية 16:{واللذان يأتيانها منكم فآذوهما ...} اللائطون من الرجال وحدهم الإيذاء وأما حكم الزناة فسيأتي في سورة النور .
وقد رد عليه الألوسي ،وزيف قوله لأنه لم يقل به أحد56 .
ومن العلماء من رجح أن هذا الحكم المذكور في الآيتين منسوخ بعضه بالكتاب في سورة النور ،وبعضه بالسنة في حديث عبادة بن الصامت في صحيح مسلم57 .
ورجح أبو الأعلى المودودي في تفسير سورة النور أنه لا نسخ في الآيات وأنها تمثل مرحلة معينة من باب التدرج في التشريع .
فالزنا في مكة لم يكن عليه عقوبة ،بل بين الله أنه فاحشة ونهى عن الاقتراب منه ،ولم يشرع أي عقوبة عليه .
وفي العام الثاني من الهجرة ،بين ان الزنا مخالفة اجتماعية ،والأسرة هي المسئولة عن علاج هذه الحالة بالحبس أو الإيذاء .كما نجده في الآية 15-16 من سورة النساء .
فلما استقر الإسلام واشتدت دولته وحكومته ،جعل الله عقوبة الزاني الجلد وجعل الزنا جريمة جنائية تتولى عقوبتها شرطة الدولة وحكومتها .وكان ذلك في العام السادس من الهجرة .والله أعلم .