{يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا ان يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} .
المفردات:
كرها: مكرهين بدون رضاهن .
ولا تعضلوهن: العضل: المنع الحبس والتضييق .
بفاحشة: كل ما فحش قبحه قولا أو فعلا والمراد بها هنا: نحو الزنا والنشوز .
مبينة: واضحة ظاهرة .
التفسير:
19-{يا أيها الذين آمنوا لا يحللكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ..}
فيما تقدم من آيات أبطل الله سبحانه عادات كانت للجاهلية ،في شأن اليتامى وأموالهم .وميراث النساء .واستطرد الحديث إلى وجوب الحفاظ على عفتهن وتأديبهن ،إن ارتكبن الفاحشة استكمالا لعناصر إصلاح الأسرة .
وفي هذه الآية ينهى عن عادات جاهلية أخرى ،تتعلق بالنساء في أنفسهن وأموالهن .
سبب النزول:
روى البخاري عن ابن عباس قال:"كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته: إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا زوجوها ،وإن شاءوا لم يتزوجوها .فهم أحق بها من أهلها "فنزلت هذه الآية64 .
يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء .
أي: لا يحل لكم أيها المؤمنون أن ترثوا من أقاربكم زوجاتهم بعد وفاتهم ،كما تورث الأموال والعقارات .وتقولوا: نرثهن كما نرث أموالهم .
كرها .كارهات لذلك بأن تتزوجوهن أو تزوجوهن من غيركم ،بدون رضاهن أو تمنعوهن من الزواج .كأنما تتصرفون في أموال ورثتموها ،فإن ما كان من أفعال الجاهلية المنكرة لا يليق بكم أيها المؤمنون .
ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن .أي ولا تضيعوا أيها الأزواج على زوجاتكم اللاتي كرهتموهن لدمامة أو سآمة وملل ،وتحسبوهن لديكم ،مع سوء العشرة ،ليفتدين أنفسهن منكم ببعض صداقكم لهن فتأخذوه منهن بدون رضاهن .
إلا أن يأتين بفاحشة مبينة: أي إلا ان يرتكبن فعلة واضحة القبح ،ظاهرة الشناعة تجعلها وحدها المسئولة عن هدم الحياة الزوجية: كالزنا أو النشوز .يكون من العدل أن يأخذ الزوج المظلوم بعض ما أداه لها صداقا ليخالعها عليه ،إذ هي التي هدمت بيته بظلمها وعدوانها .
وعاشرهن بالمعروف .أي بما عرف في الشرع حسنه ،من الإنفاق قدر طاقتكم من غير إسراف ومن القسم بالعدل والقول اللين وانبساطة الوجه ،لتعيشوا سعداء .
فإن كرهتموهن .وسئتم عشرتهن لدمامتهن ،أو سوء في خلقهن لا يمكن احتماله ،فلا تفارقوهن بمجرد كراهة النفس ،وذهاب الحب واصبروا على معاشرتهن{فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} .فلعلكم تكرهون شيئا بحكم النفس والهوى ويجعل الله تعالى فيه خيرا كثيرا: دنيويا كان أو أخرويا ،وأنتم لا تعلمون ذلك الخير ولا تدركونه ،بسبب كراهتكم إليهن وعاشروهن بالمعروف ،لتروا ثمرة ذلك ،فإن المعروف يستعقب الخير دائما .