المفردات:
حسيبا: محاسبا ومجازيا ،أو كافيا ،أو حفيظا .
التفسير:
86- وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا .
حث الإسلام على صلة الرحم ،وعمل على إشاعة المودة والمحبة والتراحم بين المسلمين ،ومن أسباب المودة: إفشاء السلام ،وإطعام الطعام ،وصلة الأرحام .
روى أبو داود بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''والذي نفسي بيده !لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ،ولا تؤمنوا حتى تحابوا ،أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم ؛أفشوا السلام بينكم''{[35]} .
ورد السلام فريضة والزيادة على تطوع ،فينبغي أن ترد السلام على المسلم وأن تزيد عليه .
روى ابن جرير عن سلمان الفارسي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليك يا رسول الله ؛فقال: ''وعليكم السلام ورحمة الله'' ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله ؛فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: '' وعليك السلام ورحمة الله وبركاته'' ثم جاء آخر فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته ؛فقال له ''وعليك'' فقال الر جل: يا نبي الله بأبي أنت وأمي !أتاك فلان وفلان فسلما عليك ،فرددت عليهما أكثر مما رددت علي ،فقال:''إنك لم تدع لنا شيئا ،قال الله تعالى: وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا .. فرددناها عليك''{[36]} قال ابن كثير: وهكذا رواه ابن أبي حاتم ،وابن مردويه ولم أره في المسند وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة .السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،إذ لو شرع أكثر من ذلك لزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروى الإمام أحمد بن عمران بن حصين: أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم يا رسول الله ؛فرد عليه السلام ثم جلس فقال:"عشر "ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله يا رسول الله ؛فرد عليه ثم جلس ،فقال:"عشرون "ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛فرد عليه السلام ،ثم جلس فقال:"ثلاثون "{[37]} رواه أبو داود والترمذي والنسائي والبزار .
وجاء في التفسير الوسيط:
والرد على تحية الإسلام واجب وإنما التخيير بين الزيادة وتركها .ولا يرد على من سلم أثناء الخطبة ،وتلاوة القرآن جهرا ،ورواية الحديث ،وعند دراسة العلم ،وعند الأذان والإقامة .ولا يسلم على لاعب النرد ،والشطرنج ،والمغني ،والقاعد بقضاء حاجته ، والعاري في الحمام .
والسنة أن يسلم الماشي على القاعد ،والراكب على الماشي ،وراكب الفرس على راكب الحمار ،والصغير على الكبير ،والعدد القليل على العدد الكثير ،وإذا التقيا بادر كل منهما إلى إلقاء السلام على صاحبه ،وخيرهما الذي يبدأ .
وجاء في تفسير ابن كثير:
عن ابن عباس قال: من سلم عليك من خلق الله ؛فاردد عليه وإن كان مجوسيا ؛ذلك بأن الله يقول: فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ...
فأما أهل الذمة فلا يبدءون بالسلام ،ولا يزادون بل يرد عليهم بما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ''إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم السام عليكم فقل: وعليك''{[38]}
وروى أبو داود بسنده إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''''والذي نفسي بيده !لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ،ولا تؤمنوا حتى تحابوا ،أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم ؛أفشوا السلام بينكم''{[39]} ورواه مسلم أيضا .
إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ...وختمت الآية بما يحرك وجدان المسلم نحو الامتثال والمحافظة ،على ما يوطد روابط المحبة والمودة بين الناس ،والحرص على إفشاء السلام ،وعلى رد التحية أو الزيادة عليها ،وعلى ما يملأ قلب المؤمن خوفا من الله وحذرا من عقابه ،فهو سبحانه سريع الحساب ،ولا تخفى عليه خافية .فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ،وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ .( الزلزلة: 7-8 ) .