/م9
المفردات:
ثم استوى إلى السماء: قصد وعمد نحوها ،أي تعلقت إرادته بها .
وهي دخان: مادة عازية مظلمة ،تشبه الدخان في رأى العين .
ائتيا طوعا أو كرها: اخضعا لمرادي طائعتين أو مكرهتين .
قالتا آتينا طائعين: هذه كناية عن الطاعة والإذعان والامتثال .
التفسير:
11-{ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا آتينا طائعين} .
أي: قصد سبحانه وعمد إلى خلق السماء ،وهي في حالة غازية تشبه الدخان ،فقال للسماء: أطلعي شمسك وقمرك وكواكبك ،وأجري رياحك وسحابك ،وقال للأرض: شُقّي أنهارك وأخرجي شجرك وثمارك .
وقد قال سبحانه وتعالى للسماء والأرض: انقادا لأمري طائعتين أو مكرهتين ،فأظهرتا من الطاعة والامتثال والاستجابة والطواعية ما دل على أنهما طائعتان لأمره ،بحيث لو نطقتا لقالتا: أتينا طائعتين .
قال الفخر الرازي:
والمقصود من هذا القول إظهار كمال القدرة ،أي ائتيا شئتما ذلك أو أبيتما ،كما يقول الجبار لمن تحت يده ،لتفعلنّ هذا شئت أو لم تشأ ،ولتفعلنه طوعا أو كرها ،وانتصابهما على الحال بمعنى طائعين أو مكرهين ...ا ه .
وقد ذكر العلماء هنا إشكالا ،مؤداه أن مفهوم الآيات هنا في سورة فصّلت يُفيد أن الأرض خلقت أولا ،ثم خلقت السماء بعد خلق الأرض ،لكن في سورة النازعات يقول القرآن الكريم:{أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها* رفع سمكها فسواها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذلك دحاها} . ( النازعات: 27-30 ) .
وقد ذكر الإمام الرازي:
أن الله تعالى خلق الأرض في يومين أولا ،ثم خلق بعدها السماء ،ثم بعد خلق السماء دحا الأرض ،أي بسطها ،وبهذا يزول التناقض .
وعند التأمل نجد أن الكون كله كان في حالة غازية ،عُبّر عنها بنظرية السديم ،أي أن الكون كان في حالة ملتهبة ،احتاج إلى بلايين السنين ليهدأ ويتم خلقه ،وأن الأيام الستة تعني ست مراحل مر بها خلق الكون حتى اكتمل وصار صالحا للحياة .