المفردات:
نصارى: جمع نصران ،كندمان وندامى ،ولم يستعمل إلا بياء النسب ،وقد صارت كلمة"نصراني "لقبا لكل من اعتنق المسيحية .قيل: لقبوا أنفسهم بذلك ،على معنى أنهم أنصار الله .وقيل: نسبة إلى الناصرة بلدة بالشام ،استقر بها المسيح بعد رجوع أمه به من مصر إلى الشام .
حظا: نصيبا أو مقدارا .
فأغرينا بينهم العداوة: أي: فألقينا بينهم العداوة .
التفسير:
14- وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ ...الآية .
أي: ومن الذين ادعوا أنهم أنصار الله ،وسموا أنفسهم بذلك . أخذنا منهم أيضا الميثاق وعلى توحيد الله والإيمان بمحمد رسول الله .
فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ ..أي: فتركوا ما أمروا به في الإنجيل من الإيمان بالأنبياء ونقضوا الميثاق .
فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .أي: ألزمنا وألصقنا بين فرق النصارى العداوة والبغضاء إلى قيام الساعة .
قال ابن كثير: ولا يزالون متباغضين يكفر بعضهم بعضا ،ويلغي بعضهم بعضا ، كل فرقة تمنع الأخرى دخول معبدها .
قال صاحب الظلال: لقد نسى النصارى جانبا من تعاليم السماء ،نسوا الجانب الأساسي فيها ،و هو التوحيد الذي تقوم عليه ،وعند هذا الانحراف كان الخلاف بين طوائف النصارى التي لا تكاد تعد ،إذ إن هنالك فرقا كثيرة صغيرة داخل كل فرقة من الفرق المعلومة الكبيرة:
الأرثوذكس ،والكاثوليك ،والبروتستانت ،والمارون ؛اليوم ،ومن قبل كان اليعقوبيون ،والملكانيون والنساطرة .
وهذه العداوة التي يشير إليها النص إنما جاءت من انقسام النصارى من قديم إلى فرق ،نشأت من الانحراف عن التوحيد ،وتفرقت بها السبل ،وهي عداوة حقيقية شهدتها المسيحية منذ القرن الأول للميلاد ،وكانت على أشدها بين الملكانية واليعاقبة والنساطرة ،وهي اليوم على أشدها بين الفرق القائمة فلا يكاد الإنسان يتصور العداء الذي بين الكاثوليك والبروتستانت ،أو بينهم وبين الأرثوذكس أو بين الموارنة والبروتستانت أو سواهم{[188]} .
وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ .وسيجازيهم الله- يوم القيامة- بما صنعوا في الدنيا من نكث العهد ،ونقض الميثاق ،وتحريفهم الكتاب الذي أنزل عليهم .