المفردات:
لعناهم: اللعن: الطرد من الرحمة .
قاسية: شديدة غليظة ،لا تقبل خيرا .
خائنة منهم:خيانة وغدر منهم .
التفسير:
ولكن بني إسرائيل لم يوفوا بعهدهم ،ونقضوا الميثاق ،الذي أخذه الله عليهم ؛فعاقبهم الله تعالى ،وفي ذلك يقول سبحانه:
13- فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ ...الآية
تعرض الآية النتائج المترتبة على موقفهم من الميثاق .فتقول:
فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ .أي: فبحسب نقضهم عهدهم المؤكد .
لَعنَّاهُمْ .أي: طردناهم من رحمتنا عقوبة لهم ؛لأنهم قد فسدت فطرتهم .
وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً .أي: أورثنا قلوبهم الغلظة والقسوة .فهي لا تلين ،ولا تنفذ إليها الحجة ،ولا تؤثر فيها الموعظة .
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ .أي: يغيرون كلام الله في التوراة ،بالمحو والإثبات والزيادة والنقصان ،وسوء التأويل .
وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ .أى: وأعرضوا عن بعض ما أمروا به في التوراة ،من إتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والإيمان به ،وغير ذلك .وإنما قال: يحرفون ،ولم يقل: حرفوا ؛للدلالة على ان هذا الخلق طبع فيهم ؛تتجدد آثاره آنا فآنا .
ولذا قال الله- تعالى- لنبيه عقب ذلك .
وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ .أي: إن الغدر والخيانة عادة مستمرة لليهود .منتقلة فيهم ،من الأصول إلى الفروع .فلا تزال- أيها الرسول- تطلع من هؤلاء المعاصرين .على خيانة إثر خيانة .فهم قوم لا عهد لهم ،ولا فاء عندهم .
لقد دمغتهم الكتب السماوية بالغدر والخيانة والقسوة ،فرماهم نبيهم أرمياء بالكذب والسرقة والزنى والشرك .وأنهم حولوا بيت الله إلى مغارة لصوص{[186]}
ورماهم السيد المسيح- عليه السلام- بأنهم مثل القبور المبيضة من الخارج ،المليئة بالجيف من الداخل ،ووصفهم بأنهم الحيات ،أولاد الأفاعي .وأنهم قتلوا الأنبياء والحكماء وجعلوا بيت الله مغارة لصوص{[187]} .
الآيات القرآنية العديدة تؤيد هذه الصفات .
إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ .وهم من آمنوا بك ، واتبعوك كعبد الله بن سلام وأمثاله من الذين آمنوا بالله ورسوله ،فلا تظن بهم سوءا ،ولا تخف منهم خيانة ؛لأن الله طهرهم بالإسلام .
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ .فاعف عما فرط من هؤلاء اليهود ، واصفح عمن أساء منهم وعاملهم بالإحسان ؛تأليفا لهم ،فلعل الله أن يهديهم .
إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ .وأنت أحق الناس بالاتصاف بالإحسان وإتباع ما يحبه الله .