/م36
المفردات:
لغوب: تعب وإعياء .
التفسير:
38-{ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب} .
تالله لقد خلقنا السماوات والأرض ،وما بينهما من فضاء وهواء ،{في ستة أيام ...} أي: في ست مراحل ،مرحلة بعد أخرى ،وما أصابنا من تعب أو مشقة في ذلك الخلق العظيم .
قال الحسن وقتادة:
قالت اليهود: إن الله خلق الخلق في ستة أيام ،واستراح يوم السابع ،وهو يوم السبت ،يسمونه يوم الراحة ،فأنزل الله هذه الآية .
روح القرآن
روح القرآن تفيد أن الكون قد خلقه الله من العدم ،وتفيد النصوص الدينية أن الحق سبحانه ألقى الكرة وكانت ملتهبة ،فارتفعت السماء وهدأت قشرتها الخارجية ،وانبسطت الأرض وهدأت قشرتها الخارجية ،وأرسى الله الجبال والبحار والأنهار ،والفضاء والهواء ،ثم تشققت السماء بالمطر ،والأرض بالنبات ،وجعل الله الماء أساس الحياة .
وفي حوالي سنة 1994م انعقد في الولايات المتحدة الأمريكية مؤتمر علمي للبحث في أصول الكون ،وبالتحديد في عمر الكون .
وانتهى المؤتمر إلى أن عمر الكون 13 بليون سنة ،منها 6 بلايين سنة كان الكون كرة ملتهبة غير صالحة للحياة ،وبعد ستة بلايين سنة من خلق الكون هدأت قشرته الخارجية ،وصار صالحا لحياة الإنسان عليه ،وحياة الإنسان على هذا الكون مدتها سبعة بلايين سنة .
قال تعالى:{أو لم ير الذين كفروا أن السماوات ولأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون} .( الأنبياء: 30 ) .
وفي التفسير أن الرتق ضد الفتق ،أي كانت السماء صماء لا تمطر ،والأرض صماء لا تنبت ،ففتق الله السماء بالمطر ،والأرض بالنبات ،وقد مر الكون كله بست مراحل ،حيث كانت السماء رخوة أشبه بالدخان ،ثم مرت بمراحل ست ،وكذلك الأرض ،حتى صار الكون صالحا للحياة .
وذكر الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره الكبير:
أن المراد بقوله تعالى:{في ستة أيام ...} ستة أطوار ،لا الأيام المعروفة في وضع اللغة ،لأن اليوم عبارة عن زمان مكث الشمس فوق الأرض ،من الطلوع إلى الغروب ،وقبل خلق السماوات لم يكن شمس ولا قمر ،لكن اليوم يطلق ويراد به الوقت والحين .اه .
ويمكن أن نقول أن اليوم يطلق في كلام العرب على سنين متعددة ،فيوم بعاث ،ويوم البسوس ،ويوم ذي قار ،هي كلها حروب امتدت عشرات السنين ،وفي القرآن الكريم:{وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون} .( الحج: 47 ) .
ويقول سبحانه:{تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة} .( المعراج: 4 ) .
والخلاصة:
أن الله تعالى هو الذي خلق هذا الكون ،بما فيه من سماء وأرض وفضاء ،في مراحل متعددة ،ليعلمنا الصبر والأخذ بالأسباب ،وهو سبحانه على كل شيء قدير ،ولا يصيبه تعب أو إعياء ،والآية تقدير للميعاد ،لأن من بدأ الخلق قادر على أن يحيي الموتى بطريق الأولى .
قال تعالى:{لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ...} ( غافر: 57 ) .
وقال عز شأنه:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .( الأحقاف: 33 ) .