المفردات:
حرجا: شدة الضيق .وفعله: حرج حرجا ،من باب تعب تعبا .وقد وصف الصدر بالحرج الذي هو المصدر ،للمبالغة .والمراد: أنه شديد الضيق .
الرجس: العذاب ،أو ما لا خير فيه .
التفسير:
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء ...الآية .
الشرح في اللغة معناه: الفتح والشق .وشرح الصدر للإسلام ،كناية عن جعل النفس قابلة للحق ،مهيأة لحلوله فيها ،محصنة مما يمنعه وينافيه .
أخرج بن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن هذه الآية: كيف يشرح صدره ؟فقال: ( نور يقذف فينشرح له وينفسح ) قالوا: فهل لذلك من أمارة يعرف بها ؟فقال: ( نعم الإنابة إلى دار الخلود ،والإعراض عن دار الغرور ،والاستعداد للموت قبل نزول الموت ) ( 5 ) .
والمعنى: من يرد الله هدايته ؛يشرح صدره للحق ،ويهيئ نفسه لقبول الإسلام ،لما علمه من حسن استعداده وسعيه في القبوله ،ويبعده عن الحق ؛يجعل صدره ضيقا شديد الضيق ؛لتمسكه بضلاله لا يبغي به بديلا .
كأنما يصعد في السماء .
فإن من صعد في السماء يحس بأشد الضيق ،وقرب الاختناق ،لقلة الهواء ،وهذا التشبيه من معجزات القرآن ،وكذلك من يدعى إلى الإسلام ،وقد قدر عليه الضلال أي: يجد أشد الضيق لذلك .
قال أبو السعود: شبه ضيق صدره بالحق ،بمن يزاول ما لا يكاد يقدر عليه ،فإن صعود السماء ،مثل فيما هو خارج عن دائرة الاستطاعة ،وفيه تنبيه على أن الإيمان يمتنع منه كما يمتنع منه الصعود ،وقيل معناه كأنما يتصاعد إلى السماء ،نبوا عن الحق وتباعدا في الهرب .
كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون .
أي: مثل جعل الصدر ضيقا حرجا بالإسلام ،يجعل الله الرجس وهو العذاب أو الخذلان أو اللعنة على الذين لا يؤمنون ،فيترك الشيطان مسلطا عليهم ،ولا يلطف بهم .
وخلاصة الآية: أن من تقرب إلى الله ؛أعانه ،ومن بعد عنه ؛خذله .