/م1
خلق الموت: أوجده ،أو قدّره أزلا .
ليبلوكم: ليختبركم فيما بين الحياة والموت .
أحسن عملا: أصوبه وأخلصه ،أو أسرع طاعة .
2- الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور .
قدّر سبحانه الموت لكل ميّت ،والحياة لكل حيّ ،وقدّم الموت على الحياة لأنه أبلغ في الرهبة والقدرة ،فهو سبحانه الذي يتوفى الأنفس حين موتها ،ويتوفى أنفس النائمين عند نومها ،وهو سبحانه واهب الحياة ،وخالق الروح في الجسم .
قال العلماء:
ليس الموت فناء وانقطاعا بالكلية عن الحياة ،وإنما هو انتقال من دار إلى دار ،ولهذا ثبت في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم ،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحدكم إذا وضع في قبره وتولّى عنه أصحابه ،وإنه ليسمع قرع نعالهم ،يأتيه ملكان فيجلسانه ويسألانه ...)v .الحديث .
وقال صلى الله عليه وسلم عن قتلى المشركين يوم بدر: ( والذي نفسي محمد ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ،ولكنّكم لا يجيبون )vi .
فالموت هو انقطاع تعلق الروح بالبدن ،ومفارقتها للجسم .
ليبلوكم أيّكم أحسن عملا ...
خلق الله آدم بيده ،ونفخ فيه من روحه ،وأسكنه فسيح الجنة ،وأسجد له الملائكة ،وأنزله إلى الأرض واستعمره فيها ،وأنزل الكتب وأرسل الرسل ،ومنح الإنسان العقل والإرادة والاختيار ،ليظهر التفاضل بين الناس ،ويرى سبحانه المحسن من المسيء ،ومن يستحق الثواب ومن يستحق العقاب .
فهو سبحانه عادل عدلا مطلقا ،ومن هذه العدالة إعطاء الإنسان الفرصة كاملة للحياة في هذه الدنيا ،ومعه إمكانيات الطاعة والمعصية ،فمن اختار الطاعة كان أهلا للجنة ،ومن اختار المعصية كان أهلا للنار ،فمن دخل النار فلا يلومن إلا نفسه ،لأنه هو الذي آثر الهوى واتّباع الشيطان على الاستقامة واتّباع هدى الرحمان .
قال الله تعالى: فأما من طغى* وآثر الحياة الدنيا* فإن الجحيم هي المأوى* وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى* فإن الجنة هي المأوى .( النازعات: 37 -41 ) .
وهو سبحانه العزيز .الغالب في انتقامه ممن عصاه .الغفور .لمن تاب إليه .