المفردات:
أرجه وأخاه: أي: أرجئهما وأخرجهما ؛لننظر في أمرهما .
المدائن: أي: المدن حيث يوجد السحرة .
حاشرين: أي: المدن حيث يوجد السحرة .
حاشرين: جامعين .
التفسير:
{111 – قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين} .
أي: قال الملأ من قوم فرعون ،أخر الفصل في أمره وأمر أخيه ،وأرسل في مدائن ملكك جماعات من رجال شرطتك وجندك .
حاشرين أي: جامعين لك السحرة منها وسائقيهم إليك .
من كتب التفسير
1- جاء في ظلال القرآن للأستاذ سيد قطب:
وكانت أرض مصر تموج بالكهنة في شتى المعابد ،وكان الكهنة هم الذين يزاولون أعمال السحر ،ففي الوثنيات كلها تقريبا ،يقترن الدين بالسحر ،ويزاول السحر كهنة الديانات وسدنة الآلهة !وهذه الظاهرة هي التي يلتقطها"علماء الأديان "،فيتحدث بعضهم عن السحر كمرحلة من مراحل تطور العقيدة !
ويقول الملحدون منهم: إن الدين سيبطل كما بطل السحر !وأن العلم سينهى عهد الدين كما أنهى عهد السحر !إلى آخر هذا الخبط الذي يسمونه:"العلم "8 .
2 – من تفسير المراغي الجزء التاسع ص 26:
فذلكة في السحر وضروبه:
السحر في أعمال غريبة ،وحيل تخفي حقيقتها على جماهير الناس ؛لجهلهم لأسبابها ،وقد كان فنا من الفنون التي يتعلمها قدماء المصريين في مدارسهم الجامعة مع كثير من العلوم الكونية ،و اقتفى أثرهم في ذلك البابليون و الهنود و غيرهم ،و لا يزال يؤثر عن الوثنيين من الهنود أعمال غريبة مدهشة من السحر ،اهتم الانجليز و غيرهم بالبحث عن الحقيقة أمرها فعرفوا بعضا و جهلوا تعليل الأكثر .
و هو لا يروج إلا بين الجاهلين ،و له مكانة عظيمة في القبائل الهمجية ،و البلاد ذات الحضارة تسميه: بالشعوذة والدّجل وهو أنواع ثلاثة:
1 – ما يعمل بأسباب طبيعية من خواص المادة معروفة للساحر مجهولة عند من يسحرهم بها ،كالزئبق .الذي قيل: إن سحرة فرعون وضعوه في حبالهم وعصيهم فلما أرسلت الشمس أشعتها ؛خيّل للمشاهدين أن الحبال والعصى تسعى وتتحرك .
2 – الشعوذة التي أمرها خفة اليدين وإخفاء بعض الأشياء ،وإظهار بعض ،وإراءة بعضها بغير صورها .
3 – ما يكون مداره على تأثير الأنفس ذات الإرادة القوية في الأنفس الضعيفة القابلة للأوهام ومن ذلك ما يسمى: بالتنويم المغناطيسي .
وعلى الجملة فالسحر صناعة بالتعليم كما ثبت بنص الكتاب الكريم ،والاختبار الذي لم يبق فيه شك بين العلماء في هذا العصر9 .
ويمكن تقديم خلاصة عن الموضوع فيما يأتي:
( أ ) ذهب الشيخ محمد عبده إلى أن السحر خيال ووهم لا حقيقة له ،والساحر لا يؤثر إلا في شخص قلبه هواء وعقيدته هباء .
( ب ) وذهب بعض العلماء إلى أن السحر حقيقة تتلقى بالتعليم والتعلم ،وهو يؤثر حبا وبغضا ونزيفا ومرضا ...إلخ .
( ج ) ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر وأن رجلا من اليهود قد أخذ شيئا في شعر رأسه ومشاطه وعقد فيه 11 عقدة ،ووضعه تحت حجر في بئر ذكوان وأرشد الله رسوله إلى ذلك وأنزل عليه 11 آية في سورة الفلق وسورة الناس ،وأحضر علي رضي الله عنه المشط والمشاطة من البئر وقرأ النبي صلى الله لعيه وسلم سورة الفلق وسورة الناس ؛فبطل أثر السحر منها10 .
( د ) أنكر الشيخ محمد عبده صحة هذا الحديث وقال: إنه حديث آحاد .ولعل الحديث أضيفت إليه زيادات في لفظه ليست صحيحة .
( ه ) عند التأمل نرى أن السحر حقيقة لا خيال وهو ابتلاء من الله يمتحن به بعض الناس قال تعالى:{وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} .
الوقاية من السحر
مما يحفظ المؤمن من السحر والأذى ما يأتي:
1 – قراءة قل هو الله أحد ،والمعوذتين .
2 – أن يقول بعد صلاة الصبح وبعد صلاة المغرب: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ،له الملك وله الحمد ،يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير( 10 مرات ) .
3 – قراءة قوله تعالى:
{وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون . ( القلم 51 ) .
4 – قراءة الأخيرة من سورة الحشر:
من قوله تعالى: لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون . ( إلى آخر السورة ) .
5 – إخراج صدقة .
6 – قراءة قوله تعالى:{ما شاء الله لا قوة إلا بالله} .11( الكهف: 39 ) .
7 – وأهم شيء هو اليقين الجازم بأن أحدا لا ينفع أو يضر إلا بإذن الله: فهذه هي الصخرة الصماء التي تنكسر عليها نظرات الساحرين والحاسدين ،ومن وجد في قلبه اليقين والثقة التامة بأن الله وحده هو النافع الضار ؛فقد وجد سبيل النجاة والحفظ ،قال تعالى:{فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين} . ( يوسف: 64 ) .
وعن عبد الله قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا غلام ،احفظ الله يحفظك ،احفظ الله تجده تجاهك ،إذا سألت فاسأل الله ،وإذا استعنت فاستعن بالله ،واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ما نفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ،واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك بشيء ،لم يضروك إلا بشيء ،قد كتبه الله عليك ،جفت الأقلام وطويت الصحف "12 .