قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ...الآية .
أي: قل يا محمد لأولئك الذين يطوفون بالبيت عريا ،ويمتنعون عن أكل الطيبات: من أين أتيتم بهذا الحكم ،الذي عن طريقه حرمتم على أنفسكم ما أحله الله لعباده ،فالاستفهام لإنكار ما هم عليه بأبلغ وجه .
جاء في فتح القدير للشوكاني:
الزينة: ما يتزين به الإنسان من ملبوس أو غيره من الأشياء المباحة كالمعادن والجواهر ونحوها ،فلا حرج على من لبس الثياب الجديدة الغالية القيمة ،إذا لم يدخل في حد الإسراف ،ولم يكن مما حرمه الله ،ولا حرج على من تزين بشيء من الأشياء التي لها مدخل في الزينة ولم يمنع منها مانع شرعي ،ومن زعم أن ذلك يخالف الزهد ؛فقد غلط .
والطيبات من الرزق .أي: وهكذا الطيبات من المطاعم والمشارب ،فإنه لا زهد في ترك الطيب منها ،ولهذا جاءت الآية للإنكار على من حرم على نفسه ،أو حرمه على غيره ،وترك أكل اللحم والطيبات المستلذات من الطعام ،من اللحم والفاكهة والحلويات وغيرها ،مما طاب كسبا ومطعما ،فهو داخل في هذا النهي .
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير مخيلة ولا سرف ؛فإن الله سبحانه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ( 46 ) .
قل هي للذين آمونا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة .
أي: قل أيها الرسول لأمتك: هذه الزينة والطيبات من الرزق يستمتع بها الذين آمنوا في الحياة الدنيا بالأصالة ،وإن شاركهم الكفار فيها ما داموا في الحياة .
أما في الآخرة فهي خالصة للمؤمنين ولا يشاركهم فيها أحد ممن أشرك مع الله آلهة أخرى .
كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون .أي: مثل هذا التفصيل نفصل سائر الأحكام ،لقوم يعلمون ما في تضاعيفها في معان عالية وآداب سامية .