المفردات:
السيئة: هي كل ما يسوء .
الحسنة: كل ما يستحسنه العقل والطبع .
عفوا: أي: كثروا عددا ومالا يقال: عفا النبات إذا كثر .
مس آباءنا: أي: أصاب آباءنا .
بغتة: فجأة .
التفسير:
{95 -ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا ...}الآية .
المراد بالسيئة ما يسوء ويحزن كالشدائد والمرض ،وبالحسنة: السعة والصحة وأنواع الخيرات .
أي: ثم بعد أن ابتلينا هؤلاء الغافلين بالبأساء والضراء ،رفعنا ذلك عنهم ،وابتليناهم بضدّه ،بأن أعطيناهم بدل المصائب نعما فإذا الرخاء ينزل بهم مكان الشدّة ،واليسر مكان العسر ،والعافية بدل الضرّ والذرية بدل العقم ،والكثرة بدل القلة ،والأمن محل الخوف .
حتى عفوا:حتى كثروا ونموا في أموالهم وأنفسهم ومستهم العافية ،فالعفو أصله من العافية التي يتبعها النماء والزيادة ،كما جاء في قوله تعالى:{ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو} . ( البقرة:219 ) ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:( احفوا الشوارب واعفوا اللحى )5 . أي:قصّروا الشوارب واتركوا اللحى حتى تكثر وتنموا .
ولما زاد مالهم وكثر عددهم ؛أبطرتهم النعمة ،وأطغتهم الكثرة فلم يشكروا الله ولم يحمدوه .
{وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء} .
أي: قالوا جحودا للنعمة وكفرانا بالإحسان: قد أصاب آباءنا من قبلنا البأساء والنعماء ولسنا بدعا منهم فما أصابنا على نمط ما أصابهم وهذا شأن الدّهر يداول السراء والضراء بين الناس فليس ذلك إنذارا لنا .
{فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون} .
أي: فكان عاقبة بطرهم وأشرهم وغفلتهم أن أخذناهم بالعذاب فجأة ،من غير شعور منهم بذلك ،ولا خطور شيء من المكارم ببالهم .
لقد أسرفوا بدون تخرج وارتكبوا كل كبيرة تقشعر لها الأبدان بدون اكتراث ،وأرسل الله لهم العير من بين أيديهم ومن خلفهم وعن إيمانهم وعن شمائلهم ومع كل ذلك لم يعتبروا ولم يتعظوا ،وظنوا أنهم سيعيشون حياتهم في نعيم ورغد بدون محاسبة لهم على أعمالهم القبيحة وأقوالهم الذميمة .
ثم فاجأهم العذاب بغتة بدون توقع منهم ولا استشعار لما يحيق بهم ،جزاء عدو أنهم .
وفي هذا المعنى قال تعالى:{حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون}( الأنعام:44 ) .