53 –{ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} .
اقتضت سنته تعالى ،ألا ينزع نعمة عن قوم إلا إذا كفروا وفجروا ،وارتكبوا الذنوب والسيئات ،ولم يقابلوا النعمة بالشكر والعرفان ،بل قابلوها بالكفر والنكران ،فاستحقوا عقاب الله العادل وحكمه ؛جزاء كفرهم وعنادهم .
وشبيهه بهذه الآية قوله تعالى:
{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال ...}( الرعد: 11 ) .
وفي هذه دلالة واضحة ،على أن استحقاق النعم ؛منوط بصلاح العقائد ،وحسن الأعمال ،ورفعة الأخلاق ،وأن زوال النعم يكون بسبب الكفر والفساد وسوء الأخلاق .
{وأن الله سميع عليم} .بما نطق به الكافرون من سوء ،{وعليم} بما ارتكبوه من قبائح ومنكرات ،وقد عاقبهم على ذلك بما يستحقون من عذاب .
{وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} . ( النحل: 33 ) .
من تفسير الرازي:
جاء في تفسير الفخر الرازي: قال القاضي: معنى الآية: أنه تعالى أنعم عليهم بالعقل والقدرة وإزالة الموانع وتسهيل السبل ،والمقصود: أن يشتغلوا بالعبادة والشكر ،ويعدلوا عن الكفر ،فإذا صرفوا هذه الأحوال إلى الفسق والكفر ؛فقد غيروا نعمة الله تعالى على أنفسهم ،فلا جرم استحقوا تبديل النعم بالنقم ،والمنح بالمحن .وهذا من أوكد ما يدل على أنه تعالى ،لا يبتدئ أحدا بالعذاب والمضرة ...اه .