آنستم منهم رشدا: أبصرتم منهم حسن التصرف في الأموال .
إسرافا وبدارا أن يكبروا: لا تأكلوا أموالهم مسرفين ومسرعين في تبذيرها قبل أن يكبروا .والبدار والمبادرة: المسارعة .
بعد أن أمرنا الله في الآيات السابقة بإيتاء الأيتام أموالهم وبإعطاء النساء مهورهن ،بيّن في هذا الآية الكريمة شرطا مهما ،وهو: لا يعطى اليتيم أو القاصر ماله إلا إذا كان بالغاً راشدا .فاختبروا عقول اليتامى وتبينوا حسن تصرفهم بالمال ،حتى إذا أصبحوا صالحين للزواج وعرفتم فيهم الرشد والسداد فادفعوا إليهم أموالهم .وإياكم أن تأكلوها ،لا مسرفين فيها بالإنفاق منها ( ولو على اليتيم نفسه ) ،ولا مستعجلين في الإنفاق قبل أن يكبر اليتيم .ومن كان من الأوصياء غنياً فليتعفف عن أموال اليتامى ،ومن كان فقيرا فليكتفِ بقدر ما يكفيه بحسب الصرف الجاري في بلده ووقته .فإذا سلّمتموهم أموالهم فأشهدوا عليهم أنهم قبضوها ،( والإشهاد واجب عند الشافعية والمالكية ومندوب عند الحنفية ) ،والله من ورائكم هو المحاسب والمراقب .
وقد ورد في الحديث: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: لي مال وإني وليُّ يتم ،فقال: «كل من مال يتيمك غير مسرف ولا متأثل مالاً ،ومن غير أن تَقِيَ مالَك بماله » .