( وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ) بين سبحانه في هذه الآية الشرط أو الصفة التي يجب بها إيتاء اليتامى أموالهم كما أمر في آية ( وآتوا اليتامى أموالهم ) [ النساء:2] قال الأستاذ الإمام ما مثاله:إن ما تقدم من الأمر بإيتاء اليتامى أموالهم كان مجملا وفي هذه الآية تفصيل لكيفية الإيتاء ووقته وما يعتبر فيه .وقد اختلف العلماء في ابتلاء اليتيم كيف يكون ، فقال بعضهم يعطي شيئا من المال ليتصرف فيه فيرى تصرفه كيف يكون ، فقال بعضهم يعطي شيئا من المال ليتصرف فيه فيرى تصرفه كيف يكون ، فإن أحسن فيه كان راشدا وإلا كان على سفهه ، وقال بعضهم:أن الإعطاء لا يجوز إلا بعد الابتلاء وإيناس الرشد ، فمن أعطاه قبل ذلك يكون مخالفا للأمر ومجازفا بالمال .والصواب:أن يحضره الولي المعاملات المالية ويطلعه على كيفية التصرف ويسأله عند كل عمل عن رأيه فيه ، فإذا رأى أجوبته سديدة ورأيه صالحا يعلم أنه قد رشد .واعترض هذا أيضا بأن القول لا يغني عن الفعل شيئا ، فإن قليلا من النباهة يكفي لإحسان الجواب إن قيل له ما تقول في ثمن هذا ؟ وما أشبه ذلك ، وإننا نرى كثيرا من الذين نسميهم أذكياء ومتعلمين يتكلم أحدهم في الزراعة عن علم يقول:ينبغي كذا من السماء وكذا من السقي والعذق ، فإذا أرسل إلى الأرض وكلف العمل ينام معظم النهار ولا يعمل شيئا أو يعمل فيسيء العمل ولا يحسنه ، بل ترى من الناس من يتكلم في الأخلاق وكيفية معاملة الناس فيحسن القول كما ينبغي ولكنه يسيء في المعاملة فيكون عمله مخالفا لقوله .فقائل هذا القول الثاني قد غفل عن القاعدة التي اتفق عليها العقلاء وهي أن بين العلم والتجربة بونا شاسعا ، فكم رأينا أناسا من المحسنين في الكلام السفهاء في الأعمال الذين إذا سألتهم عن طرق الاقتصاد في المعاملة وتدبير الثروة أجابوك أحسن جواب مبني على قواعد العلم الحديث المبني على التجارب وإمعان النظر ، ثم هم يسفهون في عملهم ويبذرون الأموال تبذيرا يسارعون فيه إلى الفقر ؛ أعرف من هؤلاء رجلا ترك له والده ثروة قدرت قيمتها بميلون جنيه ( أي بألف ألف جنيه ) فأتلفها بإسرافه ، وهو الآن يطلب إعانة من الجمعية الخيرية الإسلامية ! !
قال:فالرأي الأول أسد وأصوب ، وما اعترض به عليه يجاب عنه بأن الممنوع قبل العلم بالرشد هو إعطاء اليتيم ماله كله ليستقل بالتصرف فيه ، وأما إعطاؤه طائفة منه ليتصرف فيها تحت مراقبة الولي ابتلاء واختبارا له فهو غير ممنوع بل هو المأمور به في هذه الآية .
قال:و "حتى "ابتدائية أي ابتلوا اليتامى إلى ابتداء البلوغ ، وكونها ابتدائية لا ينافي كونها للغاية التي هي معناها الأصلي الذي لا يفارقها ، وإنما فرقوا بين التي تدخل على الجملة الكاملة والتي تدخل على المفرد في الأعراب ، فسموا الأولى الابتدائية وهي التي لا تجر المفرد ، وسموا الثانية الجارة وهي التي تجر المفرد .والغاية في الأولى هي مفهوم الجملة التي بعدها ، أي ابتلوهم إلى ابتداء الحد الذي يبلغون فيه سن النكاح فإن آنستم منهم بعد البلوغ رشدا فادفعوا إليهم أموالهم وإلا فاستمروا على الابتلاء إلى أن تأنسوا منهم الرشد وعند أبي حنيفة يعطى ماله إذا بلغ خمسا وعشرين سنة وإن لم يرشد وجملة"فإن آنستم "جواب"حتى إذا بلغوا ".
أقول:إن بلوغ النكاح هو الوصول إلى السن التي يكون بها المرء مستعدا للزواج ، وهو بلوغ الحلم ، ففي هذه السن تطالبه الفطرة بأهم سننها وهي سنة الإنتاج والنسل فتتوجه نفسه إلى أن يكون زوجا وأبا ورب بيت ورئيس عشيرة ، وذلك لا يتم له إلا بالمال فوجب حينئذ إيتاؤه ماله إلا إذا بلغ سفيها وخيف أن يضيع ماله فيعجز عما تطالبه به الفطرة ولو بعد حين .وفي هذه السن يكلف الأحكام الشرعية من العبادات والمعاملات وتقام عليه الحدود ويترتب عليه الجزاء الأخروي .فالرشد حسن التصرف وإصابة الخير فيه الذي هو أثر صحة العقل وجودة الرأي .وهو يطلق في كل مقام بحسبه ، فقد يراد به أمر الدنيا خاصة وقد يراد أمر الدين خاصة .ولذلك اختلف الفقهاء في الحجر على الفاسق فقال بعضهم يحجر عليه لأنه غير رشيد في دينه وقال بعضهم لا يحجر عليه إذا كان يحسن التصرف في أمور دنياه لأن الرشد في هذا المقام لا يعني به إلا أمر الدنيا .وقد يقال إذا كان فسقه مما يتناول الأمور المالية كمنع الحقوق وإتلاف المال بالإسراف في الخمور والفجور وجب الحجر وإن كان يتعلق بأمر الدين خاصة كالفطر في رمضان مثلا يجب الحجر .
نقل ابن جرير الخلاف عن مفسري السلف في تفسير الرشد ، كقول مجاهد هو العقل وقول قتادة هو الصلاح في العقل والدين وقول ابن عباس هو حسن الحال والصلاح في الأموال .ثم قال:وأولى هذه الأقوال عندي بمعنى الرشد في هذا الموضع:العقل وإصلاح المال ، لإجماع الجميع على أنه إذا كان كذلك لم يكن ممن يستحق الحجر عليه في ماله وحوز ما في يده عنه وإن كان فاجرا في دينه- إلى آخر ما قاله في بيان هذا وإيضاحه .وتنكير الرشد يدل على هذا فهو لبيان نوع من الرشد ينافي الإسراف في المال ، وقيل المعنى إن آنستم منهم رشدا ما .
( ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ) أي ولا تأكلوا أموال اليتامى مسرفين في الإنفاق منها ولا مبادرين كبرهم إليها أي مسابقين الكبر في السن الذي يأخذونها به من أيديكم فتكونوا طالبين لا كل هذا المال كما يطلبه كبر سن صاحبه فيكون السابق هو الذي يظفر به .
قال الأستاذ الإمام:إن النهي عن أكل أموال اليتامى إسرافا وبدارا هو كالأمر قبله تفضيل للآية الناهية عن أكل أموال اليتامى إلى أموال الأولياء .وقد قيد النهي هنا بالإسراف وهو صرف مال اليتيم في غير محله ولو على اليتيم نفسه .وسمي هذا أكلا لأنه إضاعة ، والأكل يطلق على إضاعة الشيء ولكن ضم مال اليتيم إلى مال الولي لا يسمى إسرافا .وقيده أيضا بالبدار والمسابقة لكبر اليتيم لأن الولي الضعيف الذمة يستعجل ببعض التصرفات في مال اليتيم التي له منها منفعة لئلا تفوته إذا كبر اليتيم وأخذ ماله- فهاتان الحالان:الإسراف وبدار ومسابقة كبر اليتيم ببعض التصرف ، هما من مواضع الضعف التي تعرض للإنسان ، فنبه الله تعالى عليهما ونهى عنهما ليراقب الولي ربه فيهما إذا عرضتا له .
أقول:إن من دقق النظر في هاتين الحالين ووقف على تصرف الأولياء فيهما .يرى أنهما مما يعرض فيه التأويل ومخادعة النفس للإنسان لاختلاف الناس في حد الإسراف وخفاء وجه منفعة الولي في المسابقة إلى بعض الأعمال في مال اليتيم ، وما كان موضع خلاف وخفاء لا ينكره ولا ينتقده جمهور الناس ومن أنكر يسهل الرد عليه وتأول ما فعله الولي والقول بأنه تصرف وضع في محله وعمل في وقته .ومثل هذا مما قد تغش الولي فيه نفسه حتى يصدق أنه لا حرج فيه ، وقد يعلم أنه تصرف غير جائز في الباطن ويكتفي بأنه لا يمكن أن يماري فيه أحد مراء ظاهرا تتضح فيه خيانته ، فلأجل هذا وذاك صح الكتاب الحكيم بالنهي عنه ليتدبره أولو الألباب .
أما الأكل منها بغير إسراف ولا مبادرة خوف أخذها عند البلوغ والرشد- كما هو شأن الخائن- فقد ذكر حكمه في قوله:( ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ) أي فمن كان منكم غنيا غير محتاج إلى مال اليتيم الذي في حجره وتحت ولايته فليعف عن الأكل من ماله أو ليطالب نفسه ويحملها على العف عنه نزاهة وشرف نفس .ومن كان فقيرا لا يستغنى عن الانتفاع بشيء من مال اليتيم الذي يصرف بعض وقته أو كله في تثميره وحفظه فليأكل منه بالمعروف الذي يبيحه الشرع ولا يستنكره أهل المروءة والفضل ولا يعدونه طمعا ولا خيانة .
وقد اختلف المفسرون والفقهاء في الآكل بالمعروف الذي أذن الله به للولي الفقير فقيل هو القرض يأخذه بنية الوفاء ، وروي هذا عن عمر بن الخطاب وابن عباس رضي الله عنهما وعبارة الأخير في بعض روايات ابن جرير:إن كان غنيا فلا يحل له من مال اليتيم أن يأكل منه شيئا وإن كان فقيرا فليستقرض منه فإن وجد ميسرة فليعطه ما استقرض منه فذلك أكله بالمعروف .وقال مثله سعيد بن جبير وزاد:وإن حضره الموت ولم يوسر يتحلله من اليتيم وإن كان صغيرا يتحلله من وليه .وهو يعني وليه الذي يكون بعده .وعن الشعبي لا يأكله إلا أن يضطر إليه كما يضطر إلى الميتة فإن أكل منه شيئا قضاه .واختلفوا في كيفية هذا الأكل بالمعروف فعن ابن عباس يأكل بأطراف أصابعه .ووضحه السدي فقال يأكل معه بأصابعه لا يسرف في الأكل ولا يلبس .وعن عكرمة إنه قال:يدك مع أيديهم ولا تتخذ منه قلنسوة وقال بعضهم الأكل بالمعروف هو ما سد الجوعة ووارى العورة ، أي قدر الضرورة من الطعام والكسوة .وقال آخرون هو أن يأكل من غلة المال كلبن الماشية وصوفها وثمرات الشجر وغلة الزرع ولا يأخذ من رقبة المال شيئا .وقال غيرهم يأخذ قدر كفايته وعن عطاء يضع يده مع أيديهم فيأكل معهم كقدر خدمته وقدر عمله .
ومن هنا قال بعض الفقهاء إن له أجر مثله من مال اليتيم الذي يتولى تدبير أمواله وهذا هو الذي اختاره ابن جرير ، فقال إن الأمة مجمعة على أن مال اليتيم ليس مالا للولي فليس له أن يأكل منه شيئا ولكن له أن يستقرض منه عند الحاجة كما يستقرض له وله أن يؤاجر نفسه لليتيم بأجرة معلومة إذا كان اليتيم محتاجا إلى ذلك كما يستأجر له غيره من الإجراء غير مخصوص بها حال غنى ولا حال فقر اه .يعني أن الأكل بالمعروف هو القرض والأجرة ولا يباح أكل شيء منه بلا عوض كسائر أموال الناس قال وكذلك الحكم في أموال المجانين والمعاتيه ، ولكن ما ذكر في كيفية الأكل لا يظهر في الاستقراض وقد يظهر في الأجرة .
وأقول:من الحديث المرفوع في المسألة أن ابن عمر سأل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فقال ليس لي مال وإني ولي يتيم فقال"كل من مال يتيمك غير مسرف ولا متأثل مالا ومن غير أن تقي مالك بماله "{[426]} رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه .ووجهه أن اليتيم يكون في بيت الولي كولده والخير له في تربيته أن يخالطه الولي هو وأهله في المؤاكلة والمعاشرة فإذا كان الولي غنيا ولا طمع له في ماله كان اليتيم هو الرابح من هذه المخالطة وإن كان يصرف فيها شيء من ماله بقدر حاجته ، وإن كان الولي فقيرا فإنه لا يستغنى عن إصابة بعض ما يحتاج إليه من المال اليتيم الغني الذي في حجره فإذا أكل من طعامه وثمره ما جرى به العرف بين الخلطاء غير مصيب من رقبة المال شيئا ولا متأثل لنفسه منه عقارا ولا مالا آخر ولا مستخدما ماله في مصالحه ومرافقه كان في ذلك آكلا بالمعروف ، هذا هو المختار عندي وراجع تفسير ( ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم ) [ البقرة:220] في الجزء الثاني من التفسير .
( فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم ) أي ليعرفهم أمر رشدهم وتصرفهم ولتظهر براءة ذمتكم ولتحسم مادة النزاع بينكم قال ابن عباس إذا دفع إلى اليتيم ماله ( أي عند بلوغه ورشده ) فليدفعه إليه بالشهود كما أمره الله تعالى .وهذا الإشهاد واجب كما هو ظاهر الأمر وعليه الشافعية والمالكية وقال الحنفية إنه غير واجب بل مندوب وقال الأستاذ الإمام:ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الأمر بالإشهاد أمر إرشاد لا أمر وجوب وهم متفقون على أن الأوامر المارة كلها للإيجاب القطعي والنواهي كلها للتحريم ، وظاهر السياق أن هذا الأمر مثل ما سبقه ، ولعل السبب فيما قاله الفقهاء هو أن الناس تهاونوا بأمر الإشهاد وأهملوه من زمن بعيد فسهل ذلك على الفقهاء التأويل ورأوه أولى من تأثيم الناس وجعل أكثرهم مخالفين لما فرض عليهم ، ولا شك عندي أن الإشهاد حتم ، وأن تركه يؤدي إلى النزاع والتخاصم والتقاضي كما هو مشاهد فإذا فرضنا أن الناس كانوا في زمن ما مستمسكين بعروة الدين استمساكا عاما وكان اليتامى يحسنون الظن في الأولياء فلا يتهمونهم وأن الإشهاد لم يكن متحتما عليهم لأجل هذا ، أفليس هذا الزمن المعلوم مخالفا لذلك الزمن المجهول مخالفة تقتضي أن يجعل الإشهاد ضربة لازب لقطع عرق الخصام ونزوع النفس إلى النزاع والمشاغبة ؟
( وكفى بالله حسيبا ) أي وكفى بالله رقيبا عليكم وشهيدا يحاسبكم على ما أظهرتم وما أسررتم ، أو كفى بالله كافيا في الشهادة عليكم يوم الحساب .الحسب ( بسكون السين ) في الأرض الكفاية وفسر الراغب الحسيب بالرقيب ، وفسره السدي بالشهيد .فهل هذان معنيان مستقلان أم من لوازم المعنى الأصلي ؟ قال الأستاذ الإمام:الحسيب هو المراقب المطلع على ما يعمل العامل وإنما جاء بهذا البعد الأمر بالإشهاد القاطع لعرق النزاع ليدلنا على أن الإشهاد وإن حصل وكان يسقط الدعوى عن القاضي بالمال – لا يقسط الحق عند الله إذا كان الولي خائنا إذ لا تخفى عليه تعالى ما يخفى على الشهود والحكام .وكأن هؤلاء الأوصياء الخبثاء الذين نعرفهم لم يسمعوا قول الله في ذلك قط فقد كثرت فيهم وفي غيرهم الخيانة وأكل أموال اليتامى والسفهاء والأوقاف بالحيل حتى إنه يمكنني أن أقول إنه لا يوجد في القطر المصري عشرة أشخاص يصلحون للوصاية على اليتيم أو السفيه والوقف .وقد نص الفقهاء على أن النظر على الوقف كالوصاية على اليتيم .فانظروا إلى هذه الدقة في الآية الكريمة من الأمر باختبار اليتيم ودفع ماله إليه عنده بلوغه ورشده ، ومن النهي عن أكل شيء منه بطرق الإسراف ومبادرة كبره ، ومن الأمر بالإشهاد عليه عند الدفع ، ثم التنبيه إلى مراقبة الله تعالى التي تتناول جميع ذلك .
ومن مباحث اللفظ في الآية عنه:أن بعض النحاة يقولون إن الباء الداخلة على لفظ الجلالة في قوله"وكفى بالله "زائدة والمعنى كفى الله حسيبا وبعضهم يقول إن الفاعل مصدر محذوف والباء حرف جر أصلي متعلق به .وهذا كله من تطبيق القرآن على القواعد التي وضعوها- أو قال قعدوها- ونحن نقول إن المعنى مع وجود الباء هو غير المعنى مع عدمها ، فلها معنى في الكلام كيفما أعربت ، وإن"كفى "فعل ليس له فاعل والجار متعلق به ومعناه أن الله عز وجل هو أشد من يراقب ويحاسب .وهذه الجملة من فرائد البلاغة المسموعة التي لا تحتذى ولا يؤتى بمثل لها قد جاءت على هذه الكيفية النادر مثلها في حسنها فلا يمكن تطبيقها على القواعد الموضوعة للكلام المعروف عند جميع العرب الدائر على ألسنة أهل الفصاحة والفهاهة على السواء .
أقول:ويحسن أن نذكر هنا ما قاله عند الكلام على"حتى "الابتدائية وما فيها من معنى الغاية – كما تقدم – وهو:أن القواعد النحوية ( كقواعد البيان ) وضعت بعد وضع اللغة لا قبلها فلا يمكن أن تكون عامة شاملة لكل كلام .ولكن النحاة حاولوا إدخال كل كلام في قواعدهم ، وكان يجب أن يقولوا كما قال بعض أهل اللغة في بعض الكلام النادر الاستعمال:إنه ورد هكذا على غير القاعدة التي وضعناها فهو نظم سماعي يحفظ في اللغة ولا يقاس عليه .
وأقول:إن ما جاء على خلاف المشهور الشائع الذي وضعت له القواعد قسمان قسم شاذ جرى على ألسنة بعض بلداء الإعراب لا حسن فيه ، وقسم كالدر اليتيمة انفرد به بعض البلغاء فكان له أحسن تأثير في الكلام .ويوجد كل من القسمين في كل لغة ، وما يوجد منه في كلام الله عز وجل هو أعلاه وأبلغه .