يلمزون: يعيبون .
المطوعين: المتطوعين وهم الذين يؤدون ما يزيد على الفريضة .جهدهم: طاقتهم .
بعد أن ذَكر الله بُخلَ المنافقين وشُحَّهم بأموالهم حتى بعد أن عاهدوا الله على أن يتصدّقوا إذا رَزقَهم من فضله ،عَرَضَ هنا لوناً آخر من رأي المنافقين في الزكاة ،وكشَفَ عن الغمز واللّمزِ النابعَين عن طبعهم المنحرف .
{الذين يَلْمِزُونَ المطوعين مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ} .
من نقائص هؤلاء المنافقين علاوة على بُخلم أنهم يَعيبون على الموسِرين من المؤمنين تصدُّقَهم على المحتاجين .
روى ابن جرير عن عكرمة قال: ( حثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة ،فجاء عبدُ الرحمن ابن عوف بأربعة آلافٍ ،وقال:
يا رسول الله: مالي ثمانيةُ آلاف ،جئتكم بنصفِها وأمسكت نصفها .فقال: «باركَ الله لك فيما أمسكتَ فيما أعطيت » .وتصدق عاصِمُ بن عديّ بمائة وسَقْ وثلاثمائةٍ وعشرين رِطلاً من تمر ،وجاء أبو عقيل بصاعٍ من تمر ،قال: فلمزه المنافقون وقالوا: ما الذي أعطى ابنُ عوف إلا رياء .وقالوا: ألم يكنْ الله ورسوله غنيَّين عن صاع هذا !!؟) .
{وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ الله مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
ولذلك يلمزون الذين لا يجِدون إلا طاقتَهم من فقراء المسلمين ،ويسخَرون منهم لأنهم تصدّقوا بالقليل الذي وجدوه وقَدَروا عليه ،جازاهم الله على سخريتهم بما كشف من فضائحهم ،وجعلَهم سخريةً للناس أجمعين ،ولهم في الآخرة عذابٌ شديد .