{ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين 118} .
{ لو} هنا حرف امتناع لامتناع . امتناع الجواب لامتناع الشر ، أي لو شاء ربك الذي خلقك وذرأك وكونك على أحسن تقويم أن يجعل الناس أمة واحدة ، جماعة واحدة متحدة في هدايتها وتقواها لجعلها كذلك ، وما كان التنازع بين الخير والشر ، والعدل والظلم ، والفضيلة والرذيلة ، والرزق والحرمان ، والغنى والفقر إلا بإرادته ، بين- سبحانه وتعالى – أن ذلك الاختلاف دائم مستمر ، فقال تعالى:{ ولا يزالون مختلفين} فيما بينهم في نفوسهم ، وفي آحادهم ، وفي جماعاتهم ، وفي أممهم .
وإن الاختلاف على ذلك ابتلاء واختبار ، ليبلو الناس فيما ، فمن أراد الخير انتزعه من وسط الشر انتزاعا فيكون به الثواب الجزيل ، ومن أراد الشر سار فيه ، وأعلام الخير واضحة معلمة ، تدعوه إلى سلوكه ، فإن ضل فعن بينة ، والله من ورائه محيط ، ويكون الجزاء لمن ضل عن سبيله جزاء وفاقا لما جنى على نفسه ، وعلى الحق ثم يقول سبحانه: