لو شاء ربك أيها النبيّ لجعلَ الناس على دينٍ واحد ،مطيعين الله بطبيعة خلْقتهم ،كالملائكة ،ولكان العالَم غير هذا العالم ،ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك ،بل خلقهم مختارين كاسِبين ،وجعلهم متفاوتين في الاستعداد وكسب العلم ،وهم لا يزالون مختلفين في كل شيء حتى في أصول العقائد ،تبعا لميولهم وشهواتهم وتفكيرهم .
لا يزالون مختلفين في شئونهم الدنيوية والدينية ،إلا من رحم الله منهم لسلامة فِطَرهم ،فإنهم اتفقوا على حكم الله فيهم ،فآمنوا بجميع رسله وكتبه واليوم الآخر .ولهذه المشيئة التي اقتضتها حكمته تعالى في نظام هذا الكون ،خلَقهم مستعدّين لهذا الاختلاف ليرتب على ذلك استحقاق الثواب والعقاب .