{ ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين 24} .
ومعنى{ همت به} أي قصدته وأرادته لنفسها ، فالهم بالشيء قصده ، والعزم عليه ، فهمت به أرادت مخالطته في هذه الخلوة التي أرادتها ،{ وهم بها} جاء في تفسير البيضاوي ، والمراد بهمه بها عليه السلام ميل الطبع ومنازعة الشهوة لا القصد الاختياري ، وذلك مما لا يدخل تحت التكليف ، بل الحقيق بالمدح والأجر الجزيل من الله من يكف عن نفسه عن الفعل عند قيام هذا الهم ، أو مشارفة الهم ، كقوله:قتلته لو لم أخف الله{ لولا أن رأى برهان ربه} في قبح الزنى وسوء مغبته لخالطها لشبق الغلمة ولا يجوز أن يجعل{ وهم بها} ، جواب لولا ، فإنها في حكم أدوات الشرط اه .
وخلاصة كلام البيضاوي ، وهو كلام الزمخشري أيضا ، أنها بدأت له في حال انفعال جسدي ، وهمت بمخالطته وأثارت شهوته ، وكان الشأن أن يهم بها وأن يقصد مخالطتها ، ولكن في هذه الساعة الحرجة رأى برهان ربه وأراد الفرار من سورة الشهوة ، وليس في ذلك ما يمس النبوة ، بل هو يعليها ، فليس الفضل لمن لا يزني وهو غير قادر ، إنما الفضل لمن كف عند منازعة الشهوة ومساورتها ، وردها ، والاستقامة على الطريق .
دفعها عن نفسه ، وتركها فشدت قميصه حتى قد من ورائه ، واستبقا الباب ، هي تريد الوصول إليه لتحكم إغلاقه ، أو تسد عليه طريق الخروج ، وهو يريد أن يسبق ليخرج طاهرا مطهرا .
لكن كانت المفاجأة