/ت34
قوله تعالى:{وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ 35} .
المعنى: وتختبركم بما يجب فيه الصبر من البلايا ،ومما يجب فيه الشكر من النعم ،وإلينا مرجعكم فنجازيكم على حسب ما يوجد منكم من الصبر أو الشكر ،وقوله{فِتْنَةً} مصدر مؤكد ل{وَنَبْلُوكُم} من غير لفظة .
وما ذكره جل وعلا: من أنه يبتلي خلقه أي يختبرهم بالشر والخير قد بينه في غير هذا الموضع ،كقوله تعالى:{وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ 168} ،وقوله تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ 42 فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ 43 فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيء حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ 44 فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 45} وقوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا في قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍ إِلاَ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ 94 ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَواْ وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ 95} إلى غير ذلك من الآيات .
وقوله تعالى في هذه الآيات الكريمة:{وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ} يدل على أن بلا يبلو تستعمل في الاختبار بالنِّعم ،وبالمصائب والبلايا .وقال بعض العلماء: أكثر ما يستعمل في الشرِّ بلا يبلو ،وفي الخير أبلى يبلي .وقد جمع اللغتين في الخير قول زهير بن أبي سلمى:
جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم *** وأبلاهما خير البلاء الذي يبلو
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله{وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ} قال: أي نبتليكم بالشر والخير فتنة بالشدة والرخاء ،والصحة والسقم ،والغنى والفقر ،والحلال والحرام ،والطاعة والمعصية ،والهدى والضلال .