قوله تعالى:{وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} الآية .
أمر اللَّه تعالى في هذه الآية الكريمة بإيتاء اليتامى أموالهم ،ولم يشترط هنا في ذلك شرطًا ،ولكنه بيّن هذا أن هذا الإيتاء المأمور به مشروط بشرطين:
الأول: بلوغ اليتامى .
والثاني: إيناس الرشد منهم ،وذلك في قوله تعالى:{وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُواْ النّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ} .وتسميتهم يتامى في الموضعين ،إنما هي باعتبار يتمهم الذي كانوا متصفين به قبل البلوغ ،إذ لا يتم بعد البلوغ إجماعًا ،ونظيره قوله تعالى:{وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ} ،يعني الذين كانوا سحرة ،إذ لا سحر مع السجود للَّه .
وقال بعض العلماء: معنى إيتائهم أموالهم إجراء النفقة والكسوة زمن الولاية عليهم .
وقال أبو حنيفة: إذا بلغ خمسًا وعشرين سنة أعطي ماله على كل حال ؛لأنه يصير جدًا ،ولا يخفى عدم اتجاهه ،واللَّه تعالى أَعلم .
قوله تعالى:{وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كبيرا} .
ذكر في هذه الآية الكريمة أن أكل أموال اليتامى حوب كبير ،أي: إثم عظيم ،ولم يبيّن مبلغ هذا الحوب من العظم ،ولكنه بيّنه في موضع آخر وهو قوله:{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} .