قوله تعالى:{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ} .
بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه يقص على عباده يوم القيامة ما كانوا يعملونه في الدنيا ،وأخبرهم بأنه جل وعلا لم يكن غائباً عما فعلوه أيام فعلهم له في دار الدنيا ،بل هو الرقيب الشهيد على جميع الخلق ،المحيط علمه بكل ما فعلوه من صغير وكبير ،وجليل وحقير ،وبين هذا المعنى في آيات كثيرة كقوله:{مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلاَ خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلاَ أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ} [ المجادلة: 12] ،وقوله:{يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرض وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ} [ الحديد: 4] وقوله:{مِنْهُ مِن قُرْءَانٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرض وَلاَ فِي السَّمَآءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [ يونس: 61] .
تنبيه
في هذه الآية الكريمة الرد الصريح على المعتزلة النافين صفات المعاني ،القائلين: إنه تعالى عالم بذاته ،لا بصفة قامت بذاته ،هي العلم ،وهكذا في قولهم: قادر مريد ،حي سميع ،بصير متكلم ،فإنه هنا أثبت لنفسه صفة العلم بقوله:{فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ} ونظيره قوله تعالى:{أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [ النساء: 166] الآية .وهي أدلة قرآنية صريحة في بطلان مذهبهم الذي لا يشك عاقل في بطلانه وتناقضه .