المفردات:
فلنقصن: فلنحكين: يقال: قص الخبر يقصه قصا: حكاه .
التفسير:
فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين .
أي: فلنقصن على الرسل والمرسل إليهم ،كل ما وقع منهم عن علم دقيق وإحصاء شامل ؛لأننا لا يغيب عنا شيء من أحوالهم .
قال تعالى: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب .( المائدة: 109 ) .
والحق سبحانه وتعالى هنا يعرض الغائب حاضرا ،ويستعرض القيامة وأهوالها وأحوالها ؛ليضع الإنسان أمام نفسه ،تبصرة وتذكرة ،وهذه من ألوان تعريف القول في القرآن الكريم فهو حينا يعرض أخبار الأمم الماضية وأحوالها ،وهو حينا يعرض مظاهر الكون وبديع صنع الله في الخلق ،وهو حينا آخر يستعرض القيامة والبعث والحشر والسؤال والصراط والميزان ،حتى يشاهد الإنسان بعينيه في الدنيا مشاهد القيامة كأنها بين يديه ؛ليزداد عظة وعبرة .
يقول الشيخ محمود شلتوت سيخ الجامع الأزهر في تفسير العشرة أجزاء الأولى للقرآن الكريم:
والذي يهمنا هنا أن نقرر أن هذا السؤال لم يكن سؤال استفهام ولا استخبار ،وإنما هو سؤال تبكيت وتنديد ،فليس في السائل مظنة أن يجهل ،ولا في المسئول مظنة أن ينكر: وهو تصوير لما يكون من شعور المكذبين بتكذيبهم ،وشعور المرسلين بتبليغهم ،وهو نوع من تسجيل الحجة على من أنكرها ،وأعرض عنها في الوقت الذي كان يجد به الإقبال عليها والإيمان بها ،وهو نوع من زيادة الحسرة ،وقطع الآمال في النجاة ،بوضع يد المجرم على جسم جريمته ،وهو في الوقت نفسه نوع من زيادة الأمن والطمأنينة للرسل في القيام بدعوتهم ،وتبليغهم ما أمروا بتبليغه ،ولعل كل ذلك يرشد إليه قوله تعالى: فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين .