/م40
فقال:{ ومِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ ومِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ} يقول تعالى لرسوله خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم:إن قومك لن يكونوا كأولئك الظالمين من قبلهم ، الذي كذبوا رسلهم إلا قليلا منهم ، فكان عاقبتهم عذاب الاستئصال ؛ بل سيكون قومك قسمين:قسم سيؤمن بهذا القرآن ، وقسم لا يؤمن به أبدا .
{ ورَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ} في الأرض بالشرك والظلم والبغي لفساد فطرتهم وفقدهم الاستعداد للإيمان ، وهم الذين يعذبهم في الدنيا فيخزيهم وينصرك عليهم ، ويجزيهم في الآخرة بفسادهم .وقيل:إن الآية في بيان حالهم عند نزول هذه السورة ، وهي أن بعضهم يؤمن به في الباطن ، وإنما يكذبه في الظاهر عنادا واستكبارا ، ومنهم من لا يؤمن به جهلا وتقليدا ، ومن هذا الفريق من فقد الاستعداد للإيمان -وهم الأقلون- وسيأتي وصف حالهم في الآيات 42 و44 قريبا ، وله وجه .وأما الذي ليس له وجه صحيح فهو قول من فسروا التأويل بالمعنى الاصطلاحي الذي بينا فساده:أن هذا بيان لحالهم بعد إتيان التأويل المتوقع ؛ أي سيكون منهم حينئذ مؤمن وكافر ، لما بيناه من أنه غير مراد ، ولا معنى لإتيانه ، وأنه متى جاء تأويله المراد -وهو وقوع العذاب- يكون الإيمان به اضطراريا عاما ، وهو المنصوص في قوله تعالى:{ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [ الأعراف:52] ، وتأويله بعذاب الاستئصال أو بقيام الساعة سواء في أنه لا ينفعهم معه الإيمان ، إذ لا يقبل منهم ؛ بل يقال لهم حينئذ{ آلآن وقد كنتم به تستعجلون} كما يأتي في الآية ( 51 ) ، وانظر تفصيله في آخر سورة المؤمن ( 40 و82 و85 ) وسنبين في تفسير الآية ( 46 ) عدم وقوع عذاب الاستئصال على هذه الأمة .وفي الآية تسلية له صلى الله عليه وسلم يؤكدها ما بعدها وهو:{ وإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي ولَكُمْ عَمَلُكُمْ}