/م61
{ وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} هذا نص ما تقدم في تبليغ هود عليهما السلام ، ثم قال:{ هو أنشأكم من الأرض} أي هو بدأ خلقكم من الأرض بخلق أبيكم آدم منها مباشرة ثم بخلق كل منكم من سلالة من طين الأرض ، فإن النطفة التي تتحول في الرحم إلى علقة فمضغة فهيكل عظمي يحيط به لحم هي من الدم ، والدم من الغذاء ، والغذاء الغالب إما نبات من الأرض ، وإما لحم يرجع إلى النبات في طور واحد أو أكثر{ واستعمركم فيها} أي وجعلكم عمارا فيها من العمران فقد كانوا زراعا وصناعا وبنائين{ وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين} [ الحجر:82] وقيل من العمر أي أطال أعماركم فيها والصحيح الأول ، واستعمل الاستعمار في عصرنا بمعنى استيلاء الدول القوية على بلاد المستضعفين واستثمارهم واستعباد أهلها لمصالحهم ، والمراد أنه هو المنشئ لخلقكم والممدكم بأسباب العمران والنعم فيها فلا يصح أن تعبدوا فيها غيره ، لأنه هو صاحب الفضل كله ، والمستحق للعبادة وحده .
{ فاستغفروه ثم توبوا إليه} أي فاسألوه أن يغفر لكم ما أشركتم وما أجرمتم ثم توبوا وارجعوا إليه كلما وقع منكم ذنب أو خطأ ، وتقدم مثله في دعوة هود قريبا وفي دعوة محمد صلى الله عليه وسلم في أول السورة{ إن ربي قريب مجيب} قريب من عباده لا يخفى عليه شيء من استغفارهم والباعث عليه من أحوالهم ، مجيب لدعاء من دعاه مؤمنا مخلصا له الدين كما قال في سورة البقرة{ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} [ البقرة:186] فيراجع تفسيرها المفصل هنالك .