لو كان المراد بقوله{ ولن يتمنوه أبدا} أنهم لن يقولوا:يا ليتنا نموت .أو كلمة هذا معناه لكان الاحتجاج عليهم إنما هو بالتجعيز عن لفظ يحركون به ألسنتهم ولكان ذلك من الخوارق الكونية ولما صح تعليل نفي التمني بقوله{ بما قدمت أيديهم} فإن هذا التعليل صريح بأن المانع لهم من تمني الموت هو أنهم يعرفون من أنفسهم أنهم عاصون مقترفون للذنوب التي يستحقون عليها العقوبة لا أن ألسنتهم عاجزة عن النطق بكلمة تدل على تمني الموت وإن كذبا ، وكثيرا ما كانوا يكذبون ، وقد أسند الفعل إلى الأيدي لأن أكثر الأعمال تزاول بها ولذلك جرى عرف اللغة على جعلها كناية عن الشخص باعتبار أنه عامل مطلقا .وقد ختم الآية بقوله{ والله عليم بالظالمين} ليبين أنهم ظالمون في حكمهم بأن الدار الآخرة خالصة لهم وأن غيرهم من الشعوب محروم منها ، وأن كل من كان مثلهم مفتاتا على الله تعالى فهو ظالم مثلهم .